وفي أول الربيع رجع إلى تبريز، وأمر بحضور العساكر، وكتب إلى جبال الأكراد يأمرهم بالحضور، فحضرت أمراء الأكراد، ومعهم خلق عظيم، ولم يخّل طائفة من بلاده حتى سير خلفهم، فجمع خلقاً لا يحصون.

وكان لأهل كيلان جواسيس أتوا إليهم، وأعلموهم بأن خربندا قد جمع العساكر، وهو قاصد إليكم، فتحصنوا في الجبال، وسدّوا الدربندات، وتجهزوا للملتقى معه، وكتبوا إلى أمير حاج، وتشاوروا بأن يجهزا أحوالهما حتى إذا سيروا خلفهما يكونان متجهزين، فأخذا في التجهيز، ثم إن جوان شير قال: إني أريد أن آخذ معي مائة فارس، وأكشف الأخبار، فسار غير بعيد، ثم رجع، وقال: الذي طلبت من الله قد أعطاني. فقالوا له: وما ذاك؟ فقال: كنت أريد من الله أن يسوق إلينا من نأخذ الخبر، وقد ساق الله إلينا جماعة منهم، فحين رأيتهم رديت، فقالوا: وكم يكون هؤلء؟، قال: مقدار أربعين فارساً أو أقل، ثم إنه فرّق أصحابه ما بين تلك الرجوم، وقال لهم: إذا سمعتم حس الطبل باز اخرجوا وأمسكوا عليهم الطرق من بين أيديهم وأنا آخذ عليهم الدرب من خلفهم.

وكان خربندا لما نزل على قنغر أولان طلب علجاً من علوج المغل - يقال له: زنبور، كان معروفاً عندهم في المهمات، وقال له: اذهب واكشف لي جبال كيلان ودربنداتها، وكان أخبر الناس ببلاد كيلان، فأخذ معه خمسين فارساً، وسار بهم، فلما أشرف على هذه الرجوم، وكانت تعرف عندهم برجوم الغيلان، قال لأصحابه: يا قوم هذا مكان نحس، وعر مضيق، ونخاف من هذا المكان، فقال له بعض المغل: يا زنبور تخاف في قنغر أولان من جوان شير؟، فقال: نعم، فتضاحكت المغل عليه، فاستحى زنبور، وسار قدامهم، وقلبه خائف، فلما توسط الرجوم نظر إلى الأرض فإذا عليها أثر خيل جديد، فصرخ في المغل، فتشوشوا وهموا بالرجوع، وإذا قد خرج من خلفهم جوان شير وضرب عليهم طبل بازه، فخرج أصحابه من كل ناحية وأخذتهم الصيحات من جميع الجهات، وتنادوا جوان شير، قال لهم زنبور: ما قلت لكم، ما سمعتم مني، وضحكتم علي ورديتم نصيحتي، ولا بقي لكم غير الصبر على البلاء، ثم صرخ زنبور في أصحابه، وحمل على العجم، وهو على مقدمتهم فرمى واحد من العجم بسهم فأرماه، فتهاربت العجم من بين يديه، وفتحوا له طريقاً، خرج هو وأصحابه وطلبوا صوب كيلان، لأن جوان شير كان قد ملك الطريق الذي جاءوا منه.

ولما رأى جوان شير أن طرائق المغل قد أخذت خرج على أصحابه وقال لهم: دونكم وإياهم، ثم أطلق عنان فرسه، وكان حصاناً كرجياً أبرش، إن حمحم أدهش، وإن صهل أرعش، وساق وراءهم فأيقنت المغل بالدمار، ثم لحق جوان شير الهاربين فطعن فارساً منهم فأرماه، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم وصل أصحابه إليه وأحاطوه بهم، ومسكوا منهم ثلاثين فارساً، وهرب زنبور ومعه عشرة من أصحابه، والتجأوا إلى تل عال، وأسندوا ظهورهم إليه، وأخذوا قسّيهم بأيديهم، وأيقنوا بالحمام، وجاء جوان شير بمن معه، فضربوا عليهم حلقة، ونادى جوان شير ويلكم يا كلاب، سلّموا أرواحكم وإلا نزل بكم الدمار، ولما رأى زنبور أن الذي ينادي جوان شير طلب منه الأمان عليه وعلى من معه، فأمنهم جوان شير، وسلّموا أنفسهم، وفرح بذلك جوان شير، ثم سأل عن خربندا، فأخبروه بأنه نازل على قنغر أولان ومعه خلق لا تحصى، وهو قاصد إليكم وقد سيّرنا لنكشف له الأخبار.

ثم قال جوان شير لتوكل: خذ معك عشر فرسان وخذ هؤلاء الأسرى وسرّ بهم إلى البلاد، فقال له: وأنت؟. فقال: أنا قد عولت أن أغار على دشارات خربندا وعسكره ما داموا آمنين من جهتنا. فقال توكل: لا تفعل. فقال: لا غنى عن ذلك، ثم قال توكل: فإن كان لا بد من ذلك فأنا ما أروح مع هؤلاء، ولا أنقطع عنك، وسألتك بالله العظيم أن لا تحرمني الغزوة في هذه النوبة فقال جوان شير: أين الفارس منكلي؟ فأجابه بالتلبية. فقال له: سر بهؤلاء، فسار منكلي بهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015