وفيها: وردت كتب من حماة تتضمن حدوث أمر غريب، متضمنة فيها محضر مثبوت بأنه كان في حصن الأكراد جبلين بالقرب من بارين - من بلد حماة - بينهما واد تجري الماء فيه، فانتقل نصف الجبل الواحد من موضعه، وتعدى الوادي، والتصق بالجبل الآخر، ولم يسقط في الوادي الذي بينهما شيء من الحجارة، وبقي ما انسلخ منه منقطعاً من الجبل كهيئة محراب، والماء جار على العادة، وكشف ذلك القاضي والحاكم ببارين، وعمل به محضراً، وكان طول النصف الذي انفصل من الجبل مائة ذراع وعشرة أذرع، وعرضه خمسة وخمسون ذراعاً، ومسافة الوادي الذي بين الجبلين مائة ذراع، واسم الجبل: بنبابة، واسم القرية القريبة منه: دانة.

وفيها: إهتم الأمراء المصريون بتعزير الخيول السوابق ورياضتها حتى إذا بلغت الحد من التعزير وأخذت مأخذها من التسيير خرجوا جميعاً إلى بركة الحجاج، وتتباهى وتتهادى حتى إذا كان انتهاء المطلق تقدم فرس الأمير سيف الدين سلار وانطلق ففاز بالسبق، وكان الرهن لمن سبق، وجملته سبعة آلاف درهم لمن سبق - عن كل فرس مائة درهم، وعدة الخيول الأخرى سبعين فرساً.

وفيها: في آخر يوم من رمضان أحضر نائب السلطنة الأمير سلار القضاة وجماعة من الفقهاء كالباجي والجزري وغيرهما، وتكلموا في إخراج ابن تيمية من السجن، فاشترط بعض الحاضرين شروط عليه في ذلك، وأرسلوا إليه المحضر فامتنع، وصمم، وتكررت الرسالة ست مرات فلم يجب، وطال عليهم المجلس، فتفرقوا عن غير شيء، فطلب النائب أخاه الشيخ شرف الدين عبد الله، وأخاه الآخر زين الدين عبد الرحمن، وجرى بينهما وبين المالكي كلام كثير. ولما كان يوم الجمعة أحضروا شرف الدين وحده، وحضر شمس الدين بن عدلان في مجلس النائب، ووقع بينهما بحث كثير.

وفيها: في يوم عرفة عقد مجلس الأبلق بدمشق، وحضر القضاة والعلماء، وحضر موسى أحد فقهاء الباذرائية من المارستان فاعترف إنه مصر على القول بخلق القرآن، وأصر على ذلك، فاختلفوا في تكفيره، ورسم بتعزيره، فضرب وأخذ ونودي عليه، وحبس، ثم أحضر إلى مجلس قاضي القضاة نجم الدين بن صصري، وأظهر التوبة، والتبرؤ من ذلك، فأطلق سبيله.

وفيها اختلف أهل جزيرة جربة فيما بينهم، فسعى محمد بن السمو من - شيخ الوهّبية - في ابن أمغر شيخ النكارة، ونقل إلى الفرنج عنه أموراً منكرة، فأمسكوه، وسيّروه إلى بلاد صقلية، فاعتقل هناك ثم إنه فدى نفسه بمال، فأطلقوه، فعاد إلى جربة، وحشد حشوداً كثيرة، وقصد ابن السمو من ومن معه من الفرنج، فخرجوا لقتاله والتقوا معه، فكانت الكسرة على ابن السمو والفرنج، وظهر ابن أمغر عليهم، وأرسل يعلم صاحب تونس باستظهاره وسأله نجدة، وأرسل الفرنج الذين بحربة يعلمون أصحابهم بصقلية بحالهم ويسألونهم إنجادهم، فكان منهم ما ذكره، إن شاء الله تعالى.

ذكر قضية أبي يعقوب المريني صاحب المغرب ومقتله

وكان أبو يعقوب هذا بمدينة تلمسان، وهو نازل فيها، محاصراً إياها، وكان قد ضايقها سنين كثيرة، ونفذ ما كان لأهلها ولصاحبها من الأزواد والأقوات، وخلت من سكانها، فمنهم من تسلّل من الضرّ والضيق، ومنهم من مات، ولم يكن بقي عندهم إلى هذه الغاية إلا شيء يميرهم مقدار شهر لا غير، واتفق موته مقتولاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015