قال بيبرس في تاريخه: وفي هذه السنة وصل رسول من جهة الملك طقطا اسمه قرقجي، فأكرم غاية الإكرام، وأُنزل بمنظرة الكبش في خير مقام، وتفرّج في الجيزة والأهرام، ثم أُعيد جوابه، وجُهزّ إلى مُرسله بأنواع التحف والهدايا، وسُفرّ الأمير سيف الدين بلبان الصرخدي صحبته رسولاً من الباب العزيز.

وقال صاحب النزهة: وصل رسول طقطاي ومعه هدية وتحف، وكان قد حمل مماليك وجواريا كثيرة، فمات أكثرهم فب البحر وبقي منهم قليل، ولما حضر قدّم بعضهم وباع بعضهم، ومن جملة مضمون كتابه: أن السلطان يركب بعسكره وهو أيضاً يركب بعسكره ويأخذون بلاد قازان وعسكره بينهم، ويكون لكل منهما مكان يصل إليه خيله، وكتب السلطان في جوابه: أن الله عز وجل كفاهم أمر غازان، وأن أخاه قد سيّر إليه رسولاً فسأله الصلح، وأنه أسلم واتبع الدين المحمدي والشريعة الإسلامية.

ومنهم: جماعة وصلوا من جهة أبي يعقوب المريني صاحب الغرب، وفيهم رسول سمي علاء الدين أيدغدي الشهرزوري، أصله من أولاد الشهرزورية الذين نُفيوا إلى المغرب في الدولة الظاهرية، وحضر صحبته من جهة صاحب المغرب المذكور هدايا جليلة، وتحف كثيرة، وخيل عربية، وبغال مغربية، وجمال وقماش، وجملة كثيرة من الذهب العين على سبيل الإمداد والهدية، ووصل معه ركب كبير فيه من المغاربة خلق كثير لقصد الحجاز الشريف، ولما كان أوان الحج حج الرسول المذكور، وحجوا معه جميعاً، وعادوا إلى مرسله في سنة خمس وسبعمائة.

وفي النزهة: وكان علاء الدين أيدغدي المذكور من أصحاب الأمير بهاء الدين يعقوبا أمير الأكراد الشهرزورية، ولما حصل له العبور إلى مصر مُسك يعقوبا في الدولة الظاهرية هو وجماعة من أكابرهم، فهرب هذا الرجل مع جماعة من الأكراد إلى بلاد البحيرة، ثم دخلوا إلى الإسكندرية، وكان معه شيء من المال، واجتمع بجماعة من المغاربة وعاشرهم إلى أن أخذوا له بضائعاً تصلح للمغرب، وركب معهم في مركب هو وأصحابه، ولما وصلوا إلى أبي يعقوب المريني عرّفوه بحاله، فأكرمه وقرّبه، فوجده كافياً للأمور، فتعاظم عنده في تلك المدة إلى أن مكنّه في التحدث في الوزارة، وسار فيها سيرة حسنة، وعرف أخلاق المغاربة لطول مدته عندهم، وكان وقت دخوله إليهم شاباً، ثم سأل المريني ان يحج ويقضي فرضه، فأنعم له بذلك، وجهّز أيضاً صحبته جماعة من أهله وأقاربه، وتبعتهم جماعة كثيرة، وسيّر صحبته خيلاً وبغالاً، وتحفاً سنية تصلح للملوك، وأخذ الوزير أيضاً صحبته ما يليق به، ولما دخل على السلطان أكرمه وقرّبه وأمر بإنزالهم في الميدان، ورتبّ لهم كل ما يحتاجون إليه، ورسم للوزير والمباشرين أن يجهزوهم بكل ما أمكن.

ومنهم متملك دُنقلة وبلاد النوبة واسمه أياي، وصل إلى مصر وأحضر معه هدية من الرقيق والهجن والجمال والأبقار والشبّ والسُنباذج، وأُنزل بدار الضيافة، وقُبلت هداياه، وشُرّف بالخلع الملوكية والتشاريف السلطانية، وسأل أن يجرد معه عسكراً لينهض به على إعداده، فجرف معه جماعة من أجناد الأمراء وجند الولايات وعربان الصعيد، وجعل سيف الدين طُقصُبا الذي كان والي قوص مقدماً عليهم.

وقال صاحب النزهة: وجرّدوا من مصر نحواً من ثلاثمائة فارس من جند الحلقة والأمراء، فخرجوا إلى أن وصلوا في المركب والبر أيضاً إلى قوص، وأقاموا إلى أن اكتمل الجند والعرب، ورحل طقصبا بالعسكر جميعه وصحبتهم ملك دنقلة، فبلغه خبر بهروب صاحب دنقلة صحبته جماعة كثيرة من السودان، وعلم أنه لا ينال طائلاً، واتفق مع الملك، ورجع بالعسكر إلى مصر.

ومنهم: جماعة من التتر نحو مائتي فارس وصلوا في جمادى الأولى منها بنسائهم وأولادهم وأموالهم، ودخلوا دمشق تاسع الشهر، وقيل: إن فيهم أربعة من السلاحدارية للملك قازان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015