الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار الظاهري.

توفي فيها، وهو أحد من كان توجه إلى قازان وعاد، وكان من أكابر الأمراء الشجعان الفرسان المقاديم في الحروب، وخدم الدولة الظاهرية والمنصورية، وكان يرمي على ستة وخمسين رطلاً بالدمشقي مع خفة ولطافة، وكان يحبّ الطرب ويتولع بالسماع والرقص فيه، ويلبس الكامليات، ويتعانى الطرافة في ملبسه، وفي الأكل المفتخر من الطعامات، وله مكارم كثيرة على الناس.

الملك قازان بن أرغون بن أبغا بن هلاون بن طلوبن بن جنكزخان.

مات في هذه السنة، وقد ذكرناه وقازان - بالقاف، ويقال بالغين المعجمة، وبعد الألف زاي معجمة، وفي آخره نون - وكان تسمّى بمحمود لما أظهر الإسلام، كما أن أخاه خربندا تسمى بمحمد.

فصل في ما وقع من الحوادث في

السنة الرابعة بعد السبعمائة

استهلّت هذه السنة: والسلطان: الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاون، وقد عاد من صيده وتنزهه في بلاد البحيرة، وقد ذكرنا خروجه من القاهرة في السنة الماضية وما اتفق لناصر الدين الشيخي الوزير معه.

وذكر بيبرس في تاريخه: خروج السلطان إلى الصيد في هذه السنة.

وقال: وفي سنة أربع وستمائة توجه الركاب الشريف إلى الإسكندرية والجهات الغربية متصيداً في الحمامات ومتفرجاً في تلك الجهات، ولما قضى وطره إلى دياره، وكان عوده في جمادى الأولى.

قلت: التوفيق بين الكلامين أن سفره كان في أواخر السنة الماضية وعوده في هذه السنة، والله أعلم.

ذكر مجيء ناس إلى خدمة السلطان

من بلاده ومجيء رسل من ملوك بلاده غيره:

منهم ما قال بيبرس في تاريخه: وفد إلى الأبواب الشريفة من الشرق أعيان العربان منهم: الأمير قطايا بن سيف أمير بني كلاب وجماعة من شيوخهم، فأكرم مثواهم، وأصغى لنجواهم، وشملتهم الصدقات بالإقطاعات، وعادوا إلى حلب وقد نال كل فوق ما طلب.

وقال صاحب النزهة: وفي مستهل المحرم تواترت الأخبار بوصول الأمير سيف الدين قطايا بن الأمير سيف أمير بني كلاب، وكان هذا الرجل قد خرج عن طاعة السلطان وأفسد في نواحي حلب وقطع الطريق، فطلبته السلطنة، فدخل هو وجماعته إلى بلاد الشرق، وأقاموا مع المغل وأكرموهم إكراماً كثيراً، فلما اتفق موت غازان كاتب نائب حلب، ورجع إلى الطاعة، وورد إلى مصر، وأقبل عليه السلطان والأمراء وأكرموه، وكتبوا لنائب حلب بردّ أخبارهم وإكرامهم، وهؤلاء قوم معروفون بالفروسية والشجاعة، وكانوا يركبون ويغيرون على المغل كل وقت، وكان يتفق لهم معهم وقائع غريبة، وما كانوا يخرجون من بلاد المغل إلا بالكسب والغنيمة.

ومنهم ما ذكره بيبرس وغيره: أنه قدم إلى مصر الأمراء الذين توجهوا إلى بلد سيس في السنة الحالية وهم: الأمير بدر الدين أمير سلاح، والأمير علم الدين سنجر الصوابي، والأمير سُنقرجاه المنصوري، ومن معهم من العسكر المنصور بعد ارتجاع القلاع التي كان الأرمن قد عدوا عليها وتطرقوا إليها وخربوا تل حمدون.

ومنهم: رسل السلطان الذين كانوا قد توجهوا إلى قازان وعوقهم قازان عنده كما ذكرنا، وهما الأمير حسام الدين أزدمر المُجيري، والقاضي عماد الدين علي بن عبد العزيز ابن السكري، وقد عادوا إلى الديار المصرية في رمضان، وحضر صحبتهما رُسل خربندا برسالة مشتملة على طلب الصلح وكف الغارات من الجهتين، فأحسن السلطان إلى رسل خربندا وأعادهم، وأرسل صحبتهم علاء الدين علي بن سيف الدين بلبان القلنجي، أحد مقدمي الحلقة، والقاضي صدر الدين سليمان المالكي الشبرامريقي، وشُبرا مريق: قرية من قرى الغربية من أعمال مصر، وتوجهوا في ذي القعدة وعادوا في رمضان سنة خمس، ومعهم رسول خربندا.

وفي نزهة الناظر: وعند تملك خربندا بلاد قازان وجلوسه على التخت جهّز رسل السلطان: حسام الدين المجيري ومن معه بعد أن أنعم عليهم، وكتب معهم كتاباً خاطب فيه السلطان بالأخوة، وسأل إخماد الفتن والصلح بين المسلمين، وآخر كلامه في كتابه: وعفا الله عما سلف، ومن عاد فينتقم الله منه. وسيّر صحبتهم قليلاً من الهدية، ولما وردوا أكرمهم السلطان أيضاً وأجاب إلى سؤالهم، وأرسل معهم هدية تليق به.

ومنهم: رسل الملك طقطاي صاحب سراي وبر القفجاق، وصلوا إلى الأبواب الشريفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015