فعاد لحيان فانفل الجماعة إذ ... رأوا طريقاً إلى السلوان وانتصروا
وعاد في قبضتهم لا شكر جودلة ... الأفراح والدمع من عينيه منهمر
يبكي على ما مضى من حسنه اسفا ... وعسكر الشعر من خديه معتكر
لا يستطيع له رداً وكم حرصوا ... برد ذلك أقوام فما قدروا
فهذه الموتة الأولى تجرعها ... فصار أولى من الدنيا به الحفر
فاقرأ على نعشه آخر سبأ فلقد ... جاءت بما يقتضي أحواله السور
إذ كان حاجبه نوناً وناظره صاداً ... وعشاقه من حوله زمر
إذا رأى عاشقاً في النازعات غدا ... ما بعدها وهو قد أودى به الضرر
فعاد والليل يغشى نور طلعته ... وزال عن عاشقيه الهم والحصر
هذا جزاؤك يا من لا وفاء له ... والعاشقون لهم طوبى بما صبروا
وله:
جعلتك المقصد الأقصى وموطنك ال ... بيت المقدّس من روحي وجثماني
وقلبك الصخرة الصّماء حين قست ... قامت قيامة أشواقي وأشجاني
أما إذا كنت ترضى أن تقاطعني ... وأن يزورك ذا زور وبهتان
فلا تغرك نار في حشاي فمن ... وادي جهنم تجري عين سلوان
ولآخر ألطف من هذا:
أيا قدس حسن قلبه الصخرة التي ... قست فهي لا ترثي لصبّ متيم
ويا سولي الأقصى عيني باب رحمة ... ففي كبد المشتاق وادي جهنم
ولأبي جلنك المذكور في مليح يصفع عاشقه:
وشادن يصفع مغرى به ... براحة أندى من الوابل
فصحت في الناس: ألا فاعجبوا ... بحر غدا يلطم في الساحل
الأمير عز الدين أيدمر الظاهري، الذي كان نائب الشام في الأيام الظاهرية.
مات برباطه بالجبل ودفن به، وكان رجلاً كبير القدر، شجاعاً مقداماً، كريم النفس، وكانت له جماعة من المماليك أمراء، فمن جملتهم الأعسر وأيدمر النقيب وآخرون.
الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء الهمداني الإربلي متولي دمشق.
كانت لديه فضائل كثيرة في التاريخ والشعر، وربما جمع شيئاً من ذلك، قيل: جمع مجلداً ابتدأ فيه من النبي عليه السلام إلى وقعة قازان، وكان يسكن درب سعود فعرف به، فيقال: درب بن أبي الهيجاء.
وقال ابن كثير: وهو أول منزل نزلناه حتى قدمنا دمشق في سنة ست وسبعمائة.
وكانت وفاة ابن أبي الهيجاء في طريق مصر بالسّوادة، ونقل إلى جبل قاسيون، فدفن به، ومولده سنة عشرين وستمائة بإربل، ومات وله ثمانون سنة، وكان مشكور السيرة، حسن المحاضرة.
الأمير جمال الدين أفوش الشريفي، وإلى الولاة بالبلاد القبلية.
وتولى نيابة الصلت أيضا، توفي في شوال منها، وكانت له هيبةً وسطوةً.
الأمير الكبير سيف الدين بلبان السلحدار المنصوري، معروف بالطباخي.
مات بالعسكر على الساحل وهو البيكار الذي خرج فيه السلطان إلى جهة الشام، ودفن عند قبر بنيامين بن يعقوب عليه السلام، فورثه الملك الناصر بالولاء وصارت إليه أمواله ومماليكه، وكان من أعيان الأمراء وشجعانهم، وأكثرهم مماليك وأصحاب، وليّ نيابة السلطنة بحلب مدة، وكانت سيرته في ولايته حميدة، وكان قليل الأذى، كان إذا غضب على أحد يكون عقوبته البعد عنه من غير ضرب ولا مصادرة.
وفي النزهة: كان بلبان هذا اشتراه الحاج إبراهيم أخو جاشنكير الملك المنصور، فرباه وهو صغير، وكان يدخل مع أستاذه يحمل سرموحته عند قلاون وهو أمير، فرآه فطلبه منه وأخذه، وعوضه عن ثمنه ثلاثة آلاف درهم، واستمر عنده إلى أن تسلطن قلاون وكان من أمره ما كان.
الطواشي صفي الدين جوهر التفليسي المحدث.
اعتنى بسماع الحديث وتحصيل الأجزاء، وكان رجلاً جيداً، مباركاً صالحاً، ووقف أجزاءه التي ملكها على المحدثين، مات في هذه السنة، رحمه الله.
فصل في ما وقع من الحوادث في
استهلّت هذه السنة: والسلطان هو: الملك الناصر، والخليفة هو: الحاكم بأمر الله العباسي، ونوّاب البلاد والقضاة وهم المذكورون قبلها.