كان قد انفرد بالراوية عن موسى بن الشيخ عبد القادر وبأشياء، ومولده في سنة اثنتي عشرة وستمائة، ومات في هذه السنة.

الشيخ الصالح عبد الله، المعروف بالفانولة.

كان من عقلاء المجانين، وله كرامات ومكاشفات وكان على حاله مسفة من خشونة العيش، مات بمسجد الرفاعة العتيقة بدمشق، ودفن بسفح قاسيون بتربة المولهين.

الشيخ عمار المشرقي الموله.

كانت له كرامات ومكاشفات، وكان يعلق في رقبته عظام الجمال، مات في هذه السنة.

الشيخ الكبير المعمر شمس الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن عبد العزيز الجزري الكتبي، المعروف بالفاشوشة، ويعرف أيضاً بابن سمعون.

كان مشهوراً بالكتب ومعرفيها والتجارة فيها، وكانت عنده فضيلة تامة، ومذاكرة حسنة، ومروءة كثيرة، وكرم نفس، كثير السعي في حوائج أصحابه. وعلى ذهنه قطعة جيدة من التاريخ وأيام الناس وماجراياتهم.

وله نظم حسن، فمنه قوله:

وما ذكرتكم إلا وضعت يدي ... على حشاشة قلب قل مابردا

وما تذكرت أياماً بكم سلفت ... إلا تحدر من عيني ما بردا

وله مخمس:

ولما وقفنا بالقوير وعينه ... من الربع قد بانوا وبان قرينه

وقد كاد من حزن تدك حرونه ... بكيت على الوادي ففاضت عيونه

ونحت على النادي فمالت غصونه

زماناً تذكرت الحمى وأحبتي ... ولذة عيش معهم لي تولت

سقيت رياه من سحائب مقلتي ... وأحرقت بان الجروع من حر رذى

فأسهله مسوده وحزونه

وكيف يطيق الغمض أو يعرف الكرى ... محب جرى من جفن عينيه ما جرى

ويؤلمه مس النسيم إذا سرى ... وإني امرء أضحى من السقم لا يرى

ولا يعرفون الناس إلا أنينه

سألتكم بالله يا ساكني قبا ... صلوا مغرما أمسى حزيناً معذبا

سوى حبكم لم يتخذ قط مذهبا ... يحن اشتياقاً كلما هبت الصبا

وتبكيه شجواً سرب سلع وعينه

له مهجة ذاب بطول عنائها ... وأجفانه قد فرجت من دمائها

رحلتم فأضحى ذاهب العقل تائها ... وما جادت السحب العوادي بمائها

سل الذي جادت عليكم جفونه

لقد شمتت من بعد بعدكم العدا ... وقد بان يوم البين طرفي مسهدا

فرقوا الصب بالسقام قد ارتدى ... تهيجه نوح الحمام إذا شدى

ويعلقه وجدانه وحنينه

غدا يوم وشك البين في زي حابر ... يسائل عنكم كل عاد سائر

حكمتم عليه في الهوى حكم جائر ... ولولاكم ماهاجه نوح طاير

ولافاض من أجل الظبا عيونه

ألا أيها الحادي المحث لركبه ... إذا جزت في وادي الأواك وكثبه

فقل للظبا الراتعات بسربه ... لكل محب فن وجد يحبه

وصبكم فيكم كثير فنونه

مات بدمشق في التاسع عشر من رجب منها، ودفن بسفح قاسيون، ومولده سنة اثنتين وستمائة بالجزيرة العمرية.

الشيخ أبو جلنك أحمد بن أبي بكر الحلبي، الشاعر المشهور.

كان بقلعة حلب أيام وصول التتار إليها، فنزل هو وجماعة للكشف والإغارة على التتار، فوقعت نشابة في فرسه فمات وبقى راجلاً فأسروه وأحضروه بين يدي المقدم، فسأله عن عسكر المسلمين فكثرهم ورفع شأنهم، فأمر بقتله، فقتل.

ومن نظمه قوله:

أتى العذار بماذا أنت معتذر ... وأنت كالوجد لا تبقى ولا تذر

لا عذر يقبل إذ نم العذار ولا ... ينجيك من شره خوف ولا حذر

كأنني بوحوش الشعر قد أنست ... بوجنتيك وبالعشاق قد نفروا

وكلما مر بي مرد أقول لهم ... قفوا انظروا وجه هذا الحر واعتبروا

هذا الذي قد سرت يا صاحبي له ... بقبح سيرته بين الورى سير

قد كان شكلاً نقى الخد معتدلا ... كأنه غصن بان فوقه قمر

ذا حمرة وبياض فوق وجنته ... لها اجتماع بطرف زانه الحور

وحكمه نافد في عاشقيه فلا ... يخالفون له أمراً إذا أمروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015