مات بثغر صفد، ودفن بمغارة النبي يعقوب عليه السلام في تابوت، ونقله أهله فيما بعد إلى دمشق ودفن بسفح قاسيون بتربتهم عند أسلافه، خدم في كتابة الدرج بصفد، فم نقل إلى نظر القدس الشريف، فباشره، ثم أعيد إلى كتابة الدرج بصفد، فباشره إلى أن مات في هذه السنة، ولم يبلغ الأربعين سنة، وكان يكتب مليحا، وينظم شعرا.

ومن شعره:

وصالٌ ولكن ما إليه وصول ... وحال وعنها الدهر لست أحول

وهجرٌ وتعذيبٌ ونوحٌ وأنةٌ ... وقلبٌ خفوق للغرام حمول

ودمع وتبريح مديدٌ وكامل ... وسهدٌ وليلٌ وافرٌ وطويل

وصبر على ما ليس يحمل بعضٌه ... فسلوان قلبي ما إليه سبيل

أبا بدر تم بخجل الشمس في الضحى ... ولحظك أم سيفٌ يهز صقيل

وثغرك أم ورد جنى مضاعفٌ ... وريقك أم شهدٍ حلا وشمول

وقال:

خلع الربيع على الرياض ملابساً ... منسوجةً من سائر الألوان

من أخضرٍ نضرٍ وأصفر فاقع ... في أبيض يقق وأحمر قاني

وقال في زهر السفرجل:

بزهر السفرجل معنىً على ... جميع الزهور به يفضل

يشم ويؤكل شكرا له ... وتلك تشم ولا تؤكل

وقال:

عيون المزن تبكي والقناني ... تقهقه فامزجا لي واسقياني

مدام من عهد الروم لا بل لها ... من عهد نوح في الدنان

وحثا الدور بالثاني فإني ... أحب الدور موصولا بثاني

وهاتا يا خليلي انشداني ... بسيطا في عراقٍ وأصبهان

بأصوات القيان فإن قلبي ... وسمعي عند أصوات القيان

وإن أنا مت شكرا فاغسلاني ... بفضلة ما تبقى في الدنان

وفي ورق الدوالي كفناني ... وفي الكرم أحفرا لي وادفناني

وإن حاولتما تشييع نعشي ... فحثا بالمثالث والمثاني

وقولا عند قبري مات هذا ... قتيل الراح سكرا والقناني

الأديب الفاضل أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود العلامي المصري الشافعي.

مات في هذه السنة ودفن بسفح المقطم، كان فقيها أديبا.

وقال الشيخ شرف الدين الدمياطي أنشدني المذكور لنفسه:

ومن رام في الدنيا حياة خلية ... من الهم والأكدار رام محالا

وهاتيك دعوى قد تركت دليلها ... على كل أبناء الزمان محالا

الشيخ الإمام العلامة ذو العيون نجم الدين أحمد بن حمدان بن شبيب ابن حمدان بن محمود الحراني الحنبلي.

توفى في هذه السنة بالمدرسة المنصورية، ودفن بسفح المقطم، ومولده بحران سنة ثلاث وستمائة، وكان شيخ المذهب، وله معرفة بالأصول، ويد طولى في علم الخلاف والجبر والمقابلة، وهو صاحب كتاب الرعاية في الفقه، وهو كتاب مشهور بكثرة النقل، سمع بحران من الحافظ عبد القادر الرهاوي، والخطيب فخر الدين ابن تيميه، وابن روزبة، وغيرهم، وسمع بحلب من أبي خليل، وبدمشق من ابن صباح، ومحمد بن غسان، وعمر بن المنجي، وغيرهم، رحمه الله.

السيد الحسيب النسيب الحافظ عز الدين أبو القاسم بن الإمام أبي عبد الله العلوي الحسيني المصري، ويعرف بابن الحلبي، نقيب الأشراف بالديار المصرية.

مولده سنة ست وثلاثين وستمائة، وتوفى في السادس من المحرم، ودفن بالقاهرة.

الأمير الكبير بدر الدين لؤلؤ بن عبد الله المسعودي.

صاحب الحمام بالمزة، وأحد الأمراء الكبار المشهورين بخدمة الملوك، توفى ببستانه بالمزة يوم السبت السابع والعشرين من شعبان منها، ودفن بتربته بالمزة.

الأمير عز الدين أيبك الأفرم الصالحي أمير جندار وهو الأفرم الكبير.

توفى في هذه السنة، وكان ذا سعادة كثيرة تدخل عليه من ملكه وإقطاعه كل يوم ألف دينار مصرية خارجا عن ثمن القمح والشعير والحبوب ونحو ذلك، ولم يزل مقدما في الدول، ولم يكن في البلاد الإسلامية بلد إلا وله فيه علقة إما ملك أو ضمان أو زراعة، وخرب الله جميع ما خلقه بالمحق، ولم يبق مع ورثته شيء حتى كان أولاده يستعطون من الناس، هذا مع قلة ظلمه وعسفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015