فكم خائف جان يلوذ بظله ... وكم تائب ثوب الخضوع شعاره

أحن إلى ربع زكت تراب أرضه ... وأصبح نور المصطفى وهو جاره

بني أضاء الكون من نور وجهه ... وعاد ظلام الشرك يبدو استناره

وحن إليه الجذع والجذع يابسٌ ... وجاء بعير القوم يعلو خواره

سلامٌ على من سلم الذئب خاضعا ... عليه كذاك الظبي زال نفاره

له معجزات يبهر العقل بعضها ... وآيات مجدٍ ليس تحصى فخاره

فطوبى لمن زار النبي محمدا ... وأضحى إلى البيت العتيق انتشاره

ولبى مشوقا ثم طاف ملبياً ... وأصبح بعد السعي والبيت داره

وسارٍ وقد نال المنى بعد حجه ... مشوقاً ودمع العين ثج قطاره

وبعد منى نال المنى بوقوفه ... وعاد وجمر الشوق يذكو أواره

فيا خير مأمولٍ وأشرف ماجدٍ ... تعطف على صب عراه انكساره

وهبه ثواب الصابرين فإنه ... على ألم الأشواق قل اصطباره

الشيخ الإمام العالم المفتي الخطيب الطبيب مجدا الدين أبو محمد عبد الوهاب ابن أحمد بن أبي الفتح بن سحنون التنوخي الحنفي، خطيب جامع النيرب، ومدرس الدماغية للحنفية، وكان طبيبا بجامع الصالحية.

وكان فاضلا جيدا، وله مشاركة في كل فن، وروى شيئا من الحديث، توفى ليلة السبت الخامس من ذي القعدة منها عن خمس وسبعين سنة، رحمه الله.

وله شعر حسن فمنه قوله:

فوالله ما هجري لأهل مودتي ... ملالا ولكني سكنت إلى العجز

وما كان لي عنهم غنى غير أنني ... قنعت وحسبي بالقناعة من كنز

وأعرضت عنهم لا ملالا وإنما ... رأيت مقام الذل في منزل العز

وقال:

لا تجزعن فما طول الحياة سوى ... روح تردد في سجن من البدن

ولا يهولك أمر الموت تكرهه ... فإنما موتنا عودٌ إلى الوطن

وسمع قول مجير الدين بن تميم في تفضيل الورد على النرجس بالبيتين وهما:

من فضل النرجس وهو الذي ... يرضى بحكم الورد إذ يغرس

أما ترى الورد غدا جالسا ... إذ قام في خدمته النرجس

فقال في جوابه:

ليس جلوس الورد في مجلسٍ ... قام به نرجسه يوكس

وإنما الورد غدا باسطاً ... خدا تمشى فوقه النرجس

وله في مشاعلى:

بأبى غزال جاء يحمل مشعلاً ... يكسو الدجى بملاء ثوبٍ أصفر

فكأنه غصن عليه باقةٌ ... من نرجس أو زهرةٌ من نوفر

وقال وقد أهدى إليه نرجس:

ما تحجبت عن عيني وأرقني ... بعدي ولم تحظ عيني منك بالنظر

أرسلت مشبهها من نرجس عطر ... كيما أراك بأحداقٍ من الزهر

وقال في الياسمين:

لله حسن الياسمين يلوح فو ... ق الورد للجلساء والندمان

مثل الثنايا والخدود نواضرا ... أو كالفراش هوى على النيران

وقال في الورد:

وورد أبيض قد زاد حسنا ... فعند الصد للخجل احمرار

يمثله النديم إذا رآه ... مداهن فضة فيها نضار

الشيخ الإمام العالم الزاهد الخطيب عز الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ محيي الدين إبراهيم بن عمر بن فرج بن أحمد بن محمد بن علي بن سابور الفاروثى الواسطي.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع بالحديث ورحل فيه، وكانت له فيه يد جيدة، وفي التفسير والفقه، والمواعظ.

وكان دينا عالما ورعا، قدم إلى دمشق في الدولة الظاهرية، فأعطى تدريس الجاروخية، ثم عاد إلى وطنه فمات في واسط في مستهل ذي الحجة، وكان يوما مشهودا بواسط.

وكان قد لبس خرقة التصوف من السهر وردى، وقرأ القراءات العشر، وخلف ألفى مجلد ومائتى مجلد، وحدث بالكثير، وسمع منه البرزالى كثيرا من الصحاح والمسند.

الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي، المعروف بالمحقق.

كان فاضلا في الطب، ومدرسا في عدة مواضع، شارك في فنون كثيرة. مات في هذه السنة، ودفن بمقابر الصوفية عند قبر الشيخ جمال الدين الحصيري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015