وحكى عنه أنه شهد جنازة ببغداد، فتبعهم نباش، فلما كان الليل جاء إلى ذلك القبر، ففتح عن الميت، كان شابا قد أصابته سكتةٌ، فلما فتح القبر نهض الميت جالسا، فسقط النباش ميتا في القبر، وخرج الشاب من قبره وحكى له: كنت مرة بقليوب وبين يدي صبره قمح، فجاء زنبور فأخذ حبة من القمح، ثم جاء فأخذ أخرى، ثم جاء فأخذ أخرى أربع مرات، فذهبت فاتبعه، فإذا هو يضيع الحبة في فم عصفور أعمى في تلك الأشجار التى هناك.

قال: حكى لى الشيخ الصالح عبد الكافى أنه شهد مرةً جنازةً، فإذا عبد أسود معنا، فلما صلى الناس لم يصل، فلما حضرنا الدفن نظر إلىّ وقال: أنا عمله، ثم ألقى نفسه في القبر، فنظرت فلم أر شيئاً.

الحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عسكر الدمشقى.

ترك الرئاسة والأملاك، وجاور بمكة ثلاثين سنة مقبلا على العبادة والزهادة، وقد حصل له قبول تامٌ من الناس من الشاميين والمصريين وغيرهم، ثم كانت وفاته بالمدينة النبوية في ثاني رجب، رحمه الله.

الشيخ الإمام الورع الزاهد الحافظ المجود صاحب الرياضيات والمجاهدات صدر الدين محمد بن الشيخ سديد الدين القزوينى.

إمام صفة صلاح الدين بخانقاة سعيد السعداء بالقاهرة، توفي فيها في هذه السنة

الأمير سيف الدين قجقار المنصورى.

نائب السلطنة بصفد، توفي في هذه السنة.

الأمير ركن الدين أباجى الحاجب، توفي يوم الأحد عاشر رمضان من هذه السنة.

الأمير سيف الدين كراى الظاهرى، توفي في هذه السنة وكان أميرا كبيرا.

الأمير حسام الدين لاجين الزينى السعيدي، توفي هذه السنة.

الأمير علم الدين سنجر الباشقردى الصالحى.

توفي بالقاهرة ليلة الثلاثاء التاسع من شهر رمضان، وكان قد تولى نيابة حلب، ثم عزل عنها بالأمير قراسنقر في سنة إحدى وثمانين وستمائة.

الأمير بدر الدين بيليك الأيدمرى.

توفي رابع المحرم منها دفن بتربة قرب مشهد الإمام الشافعىّ رضى الله عنه، وحزن السلطان عليه حزنا عظيما.

فصل فيما وقع من الحوادث في

السنة السابعة والثمانين بعد الستمائة

استهلت هذه السنة، والخليفة هو: الحاكم بأمر الله العباسىّ.

والسلطان الملك المنصور قلاون صاحب الديار المصرية والشامية والحلبية، وقد عزل الأمير علم الدين سنجر الشجاعى المنصورى عن الوزارة وصادره، وأخذأمواله، وكان أكثر حنقة عليه أنه بلغه عنه أنه قد أفحش في المظالم، واستجلب الدعاء على دولته من العالم، وأن في سجنه جماعة كثيرة عدتهم مئون، وقد مرت عليهم شهور وسنون، وقد صار موجودهم كله جعلا للرسل وبرطيلا للمقدمين، فرسم لبهاء الدين بغدى الدوادار بأن يخرج إلى أماكن هؤلاء المصادرين، ويكشف أمرهم عن يقين، فخرج في الليل إلى دار الغلوس التى هي مجمع الدواوين، فوجد فيها خلقاً، فقاموا إليه مستصرخين، فأعلم السلطان بأمرهم، فأمر الامير حسام الدين طرنطاى نائبه بعرضهم، وأمر بإطلاق من يحب إطلاقه منهم، فعرضهم وأفرج عن جميعهم، وباء بأجرهم كما باء الشجاعى بإثمهم، ووجد سوء عاقية ظلمهم، وكانت هذه النقمة الحالة به بأدعيتهم، فلله درّ القائل:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه ... وما يدريك ما فعل الدعاء

سهام الليل ما تخطئ ولكن ... لها أجل وللأجل انقضاء

ثم ولى السلطان الأمير بدر الدين بيدرا المنصورى الوزارة، وكان أولا أمير مجلس، ثم صار أستاذ الدار، ثم نقله إلى الوزارة عوضا عن علم الدين سنجر الشجاعى المذكور، فأحسن فيها السيرة، وعامل الناس في اللطف، وانكفت في أيامه المرافعات، وقلت المصادرات، وانجلت ظلم الظلمات، وذاقت الدواوين حلاوة الأمن من بعد مرارة الخوف، ولم يزل مستمرا إلى أن أنقضت الدولة المنصورية، وأقبلت الدولة الأشرقية، فنقل إلى نيابة السلطنة، فكان منه ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

قلت: بيدرا هذا ثاني الوزراء من الترك أرباب السيوف، وأولهم الشجاعى المذكور، وكانت ولاية بيدرا للوزارة في السابع والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة.

وفيها: بنى السلطان ببنت الأمير شمس الدين سنقر التكريتى الظاهرى، وأفرج عنه من الإعتقال، وإعطاه إمرةً بالشام، ثم بانت عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015