وفيها: في شهر رمضان كبس نصرانىّ وعنده مسلمةً وهم يشربون الخمر في نهار رمضان، فأمر نائب السلطنة بدمشق حسام الدين لاجين بتحريق النصرانى، فبذل في نفسه أموالا جزيلةً، فلم تقبل منه، وحرقه بسوق الخيل.

وفيها: وقعت الحرب بين قبلاى خان صاحب التخت والتاج وبين قيدو وابن قجى وابن أوكديه بن جنكرخان أحد ملوك التتار، وكان سبب الواقعة أن أميرا من أمراء قبلاى يسمى طردغا أحس بأن قبلاى قد تغير عليه، وعزم على الإيقاع به، فهرب ولحق بقيدو، وحسنٌ له قصد قبلاى وحربه، وأطمعه في أخذ مملكته، وقال له: إنه قد كبر سنة وما بقي ينهض بتدبير ملكه، وإنما أولاده هم الذين يتولون الأمور هم صبيان، فسار قيدو بجيوشه لقصده وسار طردغا صحبته، وبلغ ذلك قبلاى، فجهز جيوشه، وأرسلها صحبة ولده نمغان لحربه، فلما وصل قيدو قريبا من القوم، بلغه أنهم في جمعةٍ كثيرة، فأراد الرجوع من فوره، فقال له طردغا: يعطينى الملك تومان من نقاوة العسكر وأنا أدبر له الحيلة وأكسرهم. قال له فيدو: وكيف تصنع؟ قال: إن الطريق الذي قدامنا فيها وادٍ بين جبلين، فأتوجه بالتومان، فاكمن في الوادى، ويتقدم الملك إلى القوم حتى إذا وقعت العين على العين يرجع موليا، فهم لا بد لهم أن يتبعونه، فإذا تبعوه يستدرجهم إلى أن يصيروا بين الوادى وبينه، فأخرج إليهم ويلتفت العسكر عليهم، ففعل قيد وكذلك، وكمن الكمين مع طردغانوين، وسار حتى تقابل العسكران، ووقع العيان على العيان، فطمع عسكر قبلاى فيهم لقتلهم وحملوا عليهم، فما ثبتوا لحملتحم وانهزموا قدامهم راجعين، وتبعوهم طامعين حتى إذا تجازوا مكان الكمين خرج عليهم طردغانوين ومن معه من نقاوة التواميين، ثم كّر عليهم قيدو بمن معه، فكثر عسكر قبلاى أشدّ كسرة، وأثخنوا فيهم وقتلوا منهم خلقاً كثيرا، ثم ساروا في آثارهم حتى أشرفوا على ديارهم فنهبوها، ونهبوا من النساء والصبيان خلقا عظيما، وجلب من ذلك السبّى عدّةٌ من المماليك إلى الديا ر المصريّة، ونجا نمغان ابن قبلاى في عدّة من أصحابه، فلما وصل إلى أبيه سخط عليه وأرسله إلى بلاد الخطا فمات بها.

وفيها: "...... ".

وفيها: حج بالناس سيف الدين بلبان الدكاجل المعروف بالشحنة، فبارز عليه الأمير أبو نمى الحسنى صاحب مكة، وأمسكه أتفاق مع الحجاج، وسيره إلى السلطان، فأرسله إلى الكرك، فاعتقل فيها مدة، ثم أطلق فيما بعد.

ذكر من توفي فيها من الأعيان

الخطيب الإمام قطب الدين أبو الوفا عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، القرشيّ الزهريّ.

خطيب القدس الشريف أربعين سنة، وكان من الصلحاء الكبار، مجموعا عن الناس، حسن الهيئة، مهيبأ، عزيز النفس، يفتى الناس، ويذكر التفسير من حفظه في المحراب بعد الصبح، وقد سمع الكثير، وكان من الأخيار، ولد سنة ثلاث وستمائة، وتوفي ليلة السابع والعشرين من رمضان عن أربع وثمانين سنة وتولى موضعه بدر الدين بن جماعة.

الشيخ الصالح العابد إبراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد الجعبرىّ، تقى الدين أبو إسحاق.

أصله من قلعة جعبر، ثم أقام بالقاهرة وكان يعظ الناس وكان الناس ينتفعون بكلامه كثيرا، توفي بالقاهرة يوم السبت الرابع والعشرين من المحرم، ودفن في تربته بالحسينية، وله نظم حسن، وكان من الصالحين المشهورين.

ومن أشعاره قوله:

أرى غراما وتعذيباً وفرط جوىّ ... وحرقةً في الهوى تعلو على سقر

ولست أدرى بمن وجدى ولا نظرت ... عيناى حبىّ في بدو ولا حضر

فهل رأيتم جميع الناس أعجب من ... حالى وقد سمعتم مثل ذا الخبر

أذوب شوقاً إلى من لست أعرفه ... ولأى خيالا منه في عمر

الحكيم الفاضل العلامة علاء الدين على بن أبي القرمشى الدمشقى، المعروف بابن النفيس.

نشأ بدمشق واشتغل بها على مهذب الدين الدخوارى، وإليه انتهت رئاسة الطب، وصنف التصانيف المفيدة منها: كتاب الشامل في الطب، وكتاب المهذب في الكحل، وكتاب الموجز وهو من أحسن الكتب، وشرح القانون في مجلدات كثيرة، وشرح مسائل حنين، وفصول أبقراط، وغير ذلك، وتوفي بالقاهرة في الحادى والعشرين من ذى القعدة منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015