وَالْمعْنَى يَقُول لَيْسَ الْكبر عادتي غير أنني أبْغض الْجَاهِل الَّذِي يتَكَلَّف وَيرى أَنه عَاقل وَالْمعْنَى بغضي إيَّاهُم يَمْنعنِي كَلَامهم لَا التكبر فَمَا أعرض عَنْهُم مداويا بالتيه لحسدهم وَلَا مُعَارضا بِالْكبرِ لسفههم وَلَكِنِّي أبْغض تعاقلهم مَعَ جهلهم وَمَا يتعاطون من التَّمام مَعَ نقصهم وَمن كَانَت هَذِه حَاله فَأَنا أبغضه وَمن كَانَ على هَذِه السَّبِيل فَأَنا أكرهه وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم حَيْثُ قَالَ إِن الْحَكِيم تريه الْحِكْمَة أَن فَوق علمه علما فَهُوَ يتواضع لتِلْك الزِّيَادَة وَالْجَاهِل يظنّ أَنه قد تناهى فَيسْقط بجهله وتمقته النُّفُوس وَهَذَا من قَول الطرماح
(لَقَدْ زَادَنِي حُبّاً لِنَفْسِيَ أنَّنِي ... بَغيضٌ إِلَى كلّ أمْرِئٍ غَيرِ طائِلِ)
(إِذا مَا رآنِي قَطَّعَ الطَّرْفَ بَيْنَهُ ... وَبَيْنِي كفِعْلِ العارِفِ المُتَجاهلِ)
29 - الْمَعْنى يَقُول أكبر مَا أترفع بِهِ مَا أضمره من الثِّقَة بك وأنفس مَال أدخره مَا أعتقده من التأميل لَك وَإِنَّمَا أتيه بجميل آرائك وأستغني بجزيل عطائك
30 - الْغَرِيب القرم السَّيِّد وَأَصله الْبَعِير المكرم الَّذِي لَا يحمل عَلَيْهِ وَلَا يذلل وَلَكِن يكون للفحلة وَقد اقترمته فَهُوَ مقرم الْمَعْنى يَقُول لَعَلَّ لسيف الدولة انتباها يتَأَمَّل بِهِ مغالطة هَؤُلَاءِ الْمُقَصِّرِينَ فِي أشعارهم فيحى بذلك التَّأَمُّل مَا أهْدى إِلَيْهِ وَيهْلك مَعَه مَا يتزينون بِهِ من الْإِفْك وَالْبَاطِل
31 - الْغَرِيب الغوازي من الْغَزْو جمع غَازِيَة والقواتل من الْقَتْل جمع قاتلة والقوافي جمع قافية وَمرَاده بهَا هَاهُنَا الأبيات الَّتِي فِيهَا القوافي وَالْبَيْت قافية وَالْقَصِيدَة قافية الْمَعْنى يَقُول لما مدحته بنشر فضائله فَكَأَنِّي رميت بِتِلْكَ القوافي الَّتِي ذكرت فِيهَا فضائله أعداءه فقتلتهم غيظا وحسدا وَجعلهَا قواتل غوازي لما قتلت أعداءه بالغيظ والحسد وَجعلهَا سالمات لِأَنَّهَا تصيب وَلَا تصاب وَالْمعْنَى أَنه يَقُول رميت عداهُ بِمَا قيدته من مدحه وَمَا خلدته من مكارمه وفضله فهن الغوازي السالمات فِي غزوهن القاتلات للأعداء لِأَنَّهُنَّ يسرعن بالنصر دون تكلّف ويقتلن من اعتمدنه بِغَيْر تكلّف وتخوف