- قد عيب على أبي الطّيب قَوْله: " التائه "، وَالْقَصِيدَة مَهْمُوزَة كلهَا وَاعْتذر لَهُ قوم بِأَنَّهُ لم يرد التصريع، لِأَن الْهَاء فِي القافية أَصْلِيَّة وَقد جعل قوم مِمَّن رتبوا الدِّيوَان على الْحُرُوف هَذِه فِي حرف الْهَاء، لجهلهم بالقوافى وَإِنَّمَا أَبُو الْفَتْح والخطيب جعلاها فِي أول حرف الْهمزَة، فاقتدينا بفعلهما والقوافي خمس يجمعهما سبكرف كل حرف لقافية وَهِي متكاوس ومتدارك ومتراكب ومتواتر ومترادف فالمتكاوس أَربع حركات بَين ساكنين كَقَوْلِه
(قد جبَر الدينَ الإلهُ فَجُبِرْ ... )
والمتراكب ثَلَاث حركات بَين ساكنين كَقَوْل المتنبى
(بِم التَّعللُّ لَا أهلٌ وَلَا وطَنَُ ... )
والمتدارك حركتان بَين ساكنين كَمَا فِي هَذِه القصيدة والمتواتر حَرَكَة وَاحِدَة بَين ساكنين كَقَوْلِه
(صِلةُ الهَجرْ لى وهَجر الوِصَالِ ... )
المترادف اجْتِمَاع ساكنين كَقَوْلِه
(لَا تحسنُ الشعَّرة حَتَّى تُرَى ... مَنْشورَة الضّفرَين يوْمَ القِتالْ)
الْغَرِيب العاذل وَاحِد العذال والعذّل وَجمع عاذلة عواذل والتائه المتحير وسويداء الْقلب الْحبَّة السَّوْدَاء الَّتِى فِي جَوْفه كَأَنَّهَا قِطْعَة كبد وروى قلبى بِالْإِضَافَة وَيكون التائه صفة لَهُ وَلَيْسَ بجيد لِأَنَّهُ لَا يُقَال تاه الْقلب وَالرِّوَايَة الجيدة قلب التائه بِالْإِضَافَة إِلَى التائه الْمَعْنى يَقُول حبّ الْأَحِبَّة فِي سويداء قلبى لَا يُفَارِقهُ وعذل العواذل خارجّة فاللوم لَا يصل إِلَيْهِ وَفِيه نظر إِلَى قَول عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة
(تَغَلْغَلَ حيثُ لَمْ يَبْلُغْ شَرَابٌ ... وَلَا حُزْنٌ وَلم يَبْلُغْ سُرُورُ)