للحرب أثرا يظهرونه وَشَاهدا يتكلفه لاستغنائه عَن ذَلِك ببلوغ الهمة والبغية إِلَّا مَا فِي ثَوْبه من الدِّمَاء الَّتِي سفكتها مِنْهُم صوارمه وأجرتها قوائمه قَالَ ابْن الأفليلي هَذَا بَاب من البديع يعرف بِالِاسْتِثْنَاءِ
31 - الْغَرِيب المباهي المشاكل والمضاهي والأشكال جمع شكل وَهُوَ الشّبَه الْمَعْنى يَقُول للقمر لَا تسمع الْكَذِب وَلَا تكذبن على نَفسك فَإنَّك لست تشاكله هُوَ أبهى مِنْك وَأحسن وأضوأ وأنور وَله فِي الْبَأْس وَالْكَرم رُتْبَة لَا تبلغها ومنازل لَا تستحقها فلست مِمَّن يشاكله ويضاهيه ويساويه وَجعل الْقَمَر مباهيا لوجهه لِأَنَّهُ بحسنه وزيادته كل لَيْلَة كَأَنَّمَا يباهي وَجهه
32 - الْغَرِيب طما الْبَحْر طموا إِذا ارْتَفع يطمو ويطمي طميا فَهُوَ طام وَمِنْه طمت الْمَرْأَة بزوجها إِذا ارْتَفَعت وطما يطمي مثل طم يطم إِذا مر مسرعا الْمَعْنى قل للبحر إِذا ارْتَفع دع مَا تظهره فكرم الممدوح يغمرك ومواهبه تحقرك وَأَنت عَاجز عَن رتبته ومقصر عَن جلالته ورفعته وَهُوَ مَنْقُول من قَول البحتري
(قدْ قُلْتُ للْغَيْثِ الرُّكامِ وَلَجَّ فِي ... إبْرَاقِهِ وألَحَّ فِي إرْعادِهِ)
(لَا تَعْرِضَنَّ لِجَعْفَرٍ مُتَشَبها ... بنَدَى يَديْه فلسْتَ مِن أنْدَادِهِ)
33 - الْإِعْرَاب نصب الجدود بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ تَقول ورثت زيدا مَالا أَي من زيد وَتقول ورثت أُمِّي مَالا تُرِيدُ من أُمِّي فَتسقط حرف الْجَرّ وتعمل الْفِعْل وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ
(وَرِثْتُ أبي أخْلاقَهُ عاجِلَ القِرَى ... وَعَبْط المَهارِي كُومُها وشَنُونُها)
وَلَا فِي معنى غير وَالضَّمِير فِي أَفعاله يعود على الابْن الْغَرِيب رَأْي بِمَعْنى رَضِي وَاخْتَارَ كَقَوْلِك رأى فلَان كَذَا أَي رضيه وَفُلَان يرى كَذَا مَعْنَاهُ يرضاه وَيُشِير بِهِ الْمَعْنى يَقُول وهب مَا ورث من المَال والمآثر فوهب المَال للعفاة والمفاخر لِقَوْمِهِ لِأَنَّهُ لَا يرى الافتخار إِلَّا بِفِعْلِهِ وَأَنه رأى أَفعَال آبَائِهِ لَا ترفعه وَلَا تَنْفَعهُ حَتَّى يفعل مثلهَا وَالْمعْنَى أَن سيف الدولة لسعة فَضله وَعُمُوم جوده وهب الَّذِي وَرثهُ من جدوده اسْتغْنَاء بِكَسْبِهِ وَلم يقنع بِمَا خَلفه آباؤه من الْمجد وأسلفوه من الْجُود دون أَن يتلوهم