- الْغَرِيب غراب الْبَين مثل فى الْفِرَاق كَانَت الْعَرَب إِذا صَاح فى دِيَارهمْ الْغُرَاب تشاءمت بِهِ وَهُوَ كثير فى الْأَشْعَار ونغق بالغين الْمُعْجَمَة مَعَ الْقَاف ونعب بِالْمُهْمَلَةِ مَعَ الْبَاء الْغُرَاب صَاح الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أبنى أَبينَا يَا إِخْوَاننَا وغراب الْبَين دعى الْمَوْت وَأَنه انْتقل من الْغَزل إِلَى الْوَعْظ وَهَذَا حذق مِنْهُ وَحسن تصرف وَقَالَ الواحدى هَذَا فَاسد لَيْسَ على مَذْهَب الْعَرَب فداعى الْمَوْت لَا يسمع لَهُ صياح وَالْأَمر فى غراب الْبَين أشهر من أَن يُفَسر بِمَا فسره بِهِ وَقد انْتقل من الْغَزل والتشبيب إِلَى الْوَعْظ وَذكر الْمَوْت لَا يستحسن إِلَّا فى المراثى وَالْمعْنَى يَا إخواتاه وَيَا بنى آدم لِأَن النَّاس كلهم بَنو آدم وَيجوز أَن يكون يُرِيد بِهِ قوما مخصوصين من رهطه أَو قبيلته يَقُول نَحن نازلون فى منَازِل يتفرق عَنْهَا أَهلهَا بِالْمَوْتِ
8 - الْغَرِيب المعشر وَالْعشيرَة وَالْجَمَاعَة الْأَهْل الْمَعْنى يَقُول نبكى على فِرَاق الدُّنْيَا ولابد مِنْهُ لِأَن الدُّنْيَا دَار اجْتِمَاع وَفرْقَة وعادتها التَّفْرِيق وَالْجمع وَمَا اجْتمع فِيهَا قوم إِلَّا تفَرقُوا وَقد بَينه فِيمَا بعده وَهُوَ من قَول الآخر
(لَا يُلْبِثُ القُرَناءَ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... لَيْلٌ يَكُرُّ عَليْهِمِ وَنهارُ)
وَقَالَ صَالح بن عبد القدوس
(أَرِنى بِيَوْمِكَ مِنْ زَمانِكِ أنَّهُ ... لَمْ يُلْبِثِ الْقُرَناءَ أنْ يَتَفَرَّقُوا)
9 - الْغَرِيب الأكاسرة جمع كسْرَى على غير قِيَاس وهم مُلُوك فَارس والجبابرة جمع جَبَّار والألى بِمَعْنى الَّذين لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه والكنوز جمع كنز وَهُوَ المَال المدفون الْمَعْنى يَقُول أَيْن الْمُلُوك وَأَيْنَ الْجَبَابِرَة الَّذين كنزوا المَال وأعدوه فَلَنْ يغنى عَنْهُم مَعَ الْمَوْت شَيْئا ثمَّ مَعَ هَذَا مَا بقى هُوَ وَلَا هم وَهَذَا وعظ شاف وَهُوَ من قَول أَبى الْعَالِيَة
(أينَ الأُولى كَنْزُّوا الكُنوزَ وأسَّسُوا ... أينَ القُرُونَ هِىَ القُرُونُ المَاضِيَهْ)
(دَرَجُوا فَأصْبَحَتِ المَنازِلُ مِنْهُمُ ... عطُلاً وأصْبَحَتِ المَساكِنُ خالِيَهْ)