(كَأنَّما أنْتَ شَىءٌ ... حَوَى جَميعَ المعَانِي)

قَالَ أَبُو الْفَتْح لما وصلت إِلَى هَذَا الْبَيْت ضحِكت وَضحك وَعرف غرضي

30 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح عطاك يعلي مَحل آخذه وَهَذَا مِمَّا يُمكن قلبه يُرِيد إِذا اتّفق لَك كسب معلاة انسلخت مِنْهَا لِأَنَّك لَا تحسن تدبيرها فكأنك قد سلمتها إِلَى من يحسن تدبيرها فَهِيَ تقيم عِنْده وَقَالَ الواحدى الْجواد إِنَّمَا جاد ليحصل لَهُ الْعُلُوّ بالجود وَإنَّك تعلى من تعطيه وتشرفه بِعَطَائِك فالآخذ مِنْك يكْسب بِالْأَخْذِ شرفا كَقَوْل البحتري

(وَإذَا احْتَذَاهُ المُحْتَذُونَ فإنَّهُ ... يُعْطي العُلا فِي نَيْلِهِ المَوْهُوبِ)

وَيدل على صِحَّته مَا بعده من قَوْله الْبَيْت بعده

31 - الْغَرِيب العراقان عراق الْعَجم وعراق الْعَرَب وَآخر عراق الْعَجم أَعمال الرّيّ الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا ظَاهره أَن من رآك اسْتَفَادَ مِنْك كسب الْمَعَالِي وباطنه أَن من رآك على مَا بك من النَّقْص وَقد صرت إِلَى هَذَا الْعُلُوّ ضَاقَ ذرعه أَن يقصر عَمَّا بلغته وَأَن لَا يتَجَاوَز ذَلِك إِلَى كسب المكارم وَكَذَلِكَ إِذا رآك راجل لَا ستكثر لنَفسِهِ أَن يرجع واليا على العراقين لِأَنَّهُ لَا يُوجد أحد دُونك وَقد بلغت هَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح العراقان الْكُوفَة وَالْبَصْرَة

32 - الْغَرِيب الْجَيْش الْعَسْكَر الْعَظِيم والعافي السَّائِل وَهُوَ وَاحِد العفاة وهم الطلاب الْمَعْنى يَقُول إِذا غزاك جَيش أَخَذته فَوَهَبته لسائل وَاحِد وأصل الْغَزْو الْقَصْد وَمِنْه غزونا الْعَدو أَي قصدناهم

33 - الْغَرِيب التحقير التصغير والمجرب الَّذِي جرب الْأُمُور وحنكته التجارب الْمَعْنى يَقُول أَنْت عَظِيم الْقدر فَلهَذَا تحتقر الدُّنْيَا احتقار من جربها وَعرفهَا وَعلم أَنَّهَا فانية وَلَا يبْقى إِلَّا ذكر الْجَمِيل بَين النَّاس فَأَنت تجود بِمَا فِيهَا وَلَا تدخرها وحاشاك من أحسن مَا خُوطِبَ بِهِ فِي هَذَا الْموضع والأدباء يَقُولُونَ هَذِه اللَّفْظَة حشْوَة وَلكنهَا حشْوَة فستق وسكر وَمثلهَا فِي الحشوات قَول المحلم

(إنَّ الثمانِينَ وَبُلِّغْتَها ... قَدْ أحْوَجتْ سْمعي إِلَى تَرْجُمان)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015