اللَّيَالِي فِي مضرَّة غَيرهَا من النَّاس ثمَّ ذكر ذَلِك وَفَسرهُ فَقَالَ غذاؤها وريها فِي أَن تجوع أَيهَا الْمُخَاطب وتظمأ لولوعها بالإساءة بِنَا كَأَن ريها وشبعها فِي جوعنا وظمئنا ويروى نجوع ونظما بالنُّون فيهمَا على مَا ذكرنَا من التَّفْسِير وَيجوز أَن يكون تجوع وتظمأ بِالتَّاءِ خَبرا عَن اللَّيَالِي وَالْمعْنَى غذاؤها وريها جوعها وعطشها أَي لارى لَهَا وَلَا شبع لِأَنَّهَا لَا تروى وَلَا تشبع من إهلاك الْأَنْفس وإزهاق الْأَرْوَاح وَتَقْدِير الْبَيْت مَا ضرّ فِي نفع غَيرهَا مَا أثر فِي نفع غَيرهَا بِالضَّرَرِ كَأَنَّهُ قَالَ مَنَافِعهَا فِي ضرّ غَيرهَا
8 - الْمَعْنى يَقُول كنت عَالما بالليالي وتفريقها بَين الْأَحِبَّة قبل أَن تفعل بِنَا هَذَا التَّفْرِيق فَلَمَّا دهتني هَذِه الْمُصِيبَة لم تزدني بهَا علما وَهُوَ من قَول الْحَكِيم من نظر بِعَين الْعقل وَرَأى عواقب الْأُمُور قبل حلولها لم يجزع بحلولها وَمن قَول الْقَائِل
(حَلَّمَتْنِي زَعْمُتُم وَأرَانِي ... قَبْلَ هَذَا التَّحْليِمِ كُنْتُ حَليماً)
وَهُوَ أَيْضا من قَول بعض الْعَرَب وَقد مَاتَ وَلَده فَحسن عزاؤه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَمر كُنَّا نتوقعه فَلَمَّا وَقع لم ننكره
9 - الْغَرِيب التَّرَحِ الْحزن وترحه تتريحا أحزنه الْمَعْنى يَقُول كثر حزني بهَا فَكَأَنِّي مت عَلَيْهَا غما وَمَاتَتْ هِيَ من شدَّة سرورها بحياتي بعد إياسها مني
10 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي بِهِ رَاجع إِلَى السرُور الْمَعْنى يَقُول السرُور حرَام عَليّ فإنني بعد مَوتهَا بالسرور أعده سما فأتباعد مِنْهُ وأحرمه على نَفسِي
11 - الْغَرِيب أغربة جمع غراب والأعصم الَّذِي فِي أحد جناحيه ريشة بَيْضَاء وَقيل هُوَ الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ بَيْضَاء وَهُوَ قَلِيل الْوُجُود وأغربة جمع قلَّة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح شبه الْبيَاض الَّذِي بَين الأسطر بالبياض فِي الْغُرَاب الأعصم وَقَالَ الْخَطِيب تعجبت من كتابي حَتَّى كَأَنَّهَا تنظر إِلَى مَالا يُوجد كالغراب الأعصم وَوجه تعجبها مِنْهُ أَنه سَافر عَنْهَا حَتَّى يئست مِنْهُ فَلَمَّا نظرت إِلَى كِتَابه أكثرت النّظر شغفا