وَقَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت

(مَنْ لمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَما ... لِلْمَوْتِ كَأسٌ فالمَرْءُ ذَائِقُها)

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي لَا تسمى الكأس كأسا إِلَّا وفيهَا الشَّرَاب وَجَمعهَا كؤوس وأكؤس وكئاس الْمَعْنى يَقُول أحن إِلَى الْمَوْت الَّذِي شربت كأسه فَلَا أحب الْبَقَاء بعْدهَا وَأحب لأجل مقَامهَا التُّرَاب وَمَا ضمه يَعْنِي شخصها أَو كل مدفون فِي التُّرَاب يجوز أَن يكون يحب التُّرَاب حَيا للدفن فِيهِ وَيجوز أَن يحب التُّرَاب لِأَنَّهَا فِيهِ

5 - الْمَعْنى يَقُول كنت أبْكِي عَلَيْهَا فِي حَيَاتهَا خوفًا من فقدها فتغربت عَنْهَا فطال تغربي فثكلتها قبل الْمَوْت وثكلتني وَفِي المصراع الأول نظر إِلَى بَيت الحماسة

(فأبْكى إنْ نَأوْا شَوْقا إليِهمْ ... وَأبْكى إنْ دَنَوْا خَوْفَ الفِرَاقِ)

6 - الْغَرِيب أَجدت بِمَعْنى جدت والصرم الْبعد والقطيعة الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول لَو كَانَ الهجر يقتل كل محب لقتل بَلَدهَا يَعْنِي أَن الْبَلَد كَانَ يُحِبهَا لافتخاره بهَا وَلَكِن الهجر إِنَّمَا يقتل بعض المحبين دون بعض وَقد نفى فِي هَذَا الْبَيْت مَا أثْبته فِي قَوْله

(لَا تَحْسَبُوا رَبْعَكُمْ وَلا طَلَلَه ... أوَّلَ حَيّ فِرَاقُكُمْ قَتَلَهْ)

7 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح مَنَافِع الْأَحْدَاث أَن تجوع وَأَن تظمأ وَهَذَا ضار بغَيْرهَا لِأَن جوعها وعطشها أَن يهْلك النَّاس فتخلو مِنْهُم الدُّنْيَا كَقَوْلِه

(كالمَوْتِ لَيْسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ ... )

وَقَالَ ابْن فورجة الضَّمِير فِي مَنَافِعهَا للجدة المرثية يَعْنِي أَنَّهَا كَانَت قَليلَة الْمطعم تُؤثر بطعامها على نَفسهَا وتجوع لينْتَفع غَيرهَا وَتمّ الْكَلَام ثمَّ جعل المصراع الثَّانِي مُفَسرًا للْأولِ فَقَالَ غذاؤها فِي جوعها وريها فِي عطشها لِأَن سرورها بإطعام غَيرهَا يقوم مقَام شبعها وريها وَقَالَ الواحدي أما كَلَام ابْن جنى فَلَا وَجه لَهُ وَلَا وَجه لجوع الْأَحْدَاث وظمها على مَا ذكر وَأما قَول ابْن فورجة فَيصح على تَقْدِير مَنَافِعهَا مَا ضرّ فِي نفع غَيرهَا وَهُوَ الْجُوع والعطش بايثار غَيرهَا بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وَذَلِكَ ينفع غَيرهَا فَهَذَا صَحِيح من هَذَا الْوَجْه غير أَن الأولى رد الْكِنَايَة على الْأَحْدَاث والليالي لَا إِلَى الْجدّة وَالْمعْنَى مَنَافِع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015