(قَدْ ضَيَّعَ الله مَا جَمَّعْتُ منْ أدَب ... بَينَ الحَمير وَبينَ الشَّاءِ وَالبَقَرِ)
وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم من كَانَ همته الْأكل وَالشرب وَالنِّكَاح فَهُوَ بطبع الْبَهَائِم لأَنا نعلم أَنَّهَا مَتى خلى بَينهَا وَبَين مَا تريده لم تفعل شَيْئا غير ذَلِك
16 - الْإِعْرَاب وَرب مَال عطف على قَوْله أُنَاسًا وَذكر جود وَالضَّمِير فِي مروته عَائِد على رب مَال الْغَرِيب الإثراء كَثْرَة المَال وأصل الْمَرْوَة الْهَمْز يُقَال امْرُؤ بَين الْمُرُوءَة وتخفف الْهَمْز فَيبقى واوان فتدغم الأولى فِي الثَّانِيَة الْمَعْنى يَقُول إِذا كَانَ رب المَال لَا مُرُوءَة لَهُ فقد أثري من الْعَدَم أَي اسْتغنى من الْفقر وافتقر من الْمُرُوءَة يُرِيد إِذا كَانَ رب المَال لَا كرم عِنْده وَلم يستكثر مِنْهُ كَمَا استكثر من المَال حَتَّى أثرى بعد الْفقر أَي فَلم يكثر الْمُرُوءَة عِنْد كَثْرَة المَال قَالَ أَبُو الْفَتْح أرى أُنَاسًا يجوز أَن يكون من رُؤْيَة الْعين ورؤية الْقلب وَهُوَ من قَول حبيب
(لَا يَحْسَبُ الإقْلالَ عُدْما بَلْ يَرَى ... أنَّ المُقِلَّ مِنَ المُرُوءَةِ مُعْدمُ)
وَهُوَ من كَلَام الْحَكِيم من أثرى من الْعَدَم افْتقر من الْكَرم
17 - الْغَرِيب النصل نصل السَّيْف والصمة الْحَيَّة الشجاع وَبِه سمى أَبُو دُرَيْد ابْن الصمَّة لشجاعته والصمم جمعه الْمَعْنى يَقُول السَّيْف سيصحب مني رجلا كحدته فِي مضائه ويتبين للنَّاس أَنِّي أَشْجَع الشجعان يُرِيد أَنه إِذا قصد الْحَرْب مضى مضاء السَّيْف وَعمل عَم الأشجع أَي أَنه أَشْجَع الشجعان والانجلاء الانكشاف
18 - الْإِعْرَاب التَّاء فِي لات زَائِدَة وَقد تزاد فِي الْحُرُوف كثم وثمت وَرب وربت والجر بِهِ شَاذ وَقد جر بِهِ الْعَرَب وأنشدوا
(طَلَبُوا صُلْحَنا وَلاتَ أوَانٍ ... فأجَبْنا أنء لاتَ حيِنَ بَقاءِ)
وَأما قَوْله تَعَالَى {ولات حِين مناص} فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هِيَ زَائِدَة على حِين لَا دَاخِلَة على لَا وَالْوَقْف عِنْده على لَا والابتداء بتحين مناص وَكَانَ الْكسَائي يقف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ فَيَقُول ولاه وَكَانَ الزّجاج يقف على التَّاء فالكسائي يَرَاهَا تَاء التَّأْنِيث نَحْو قَاعد وَقَاعِدَة والزجاج يَقُول هِيَ مثل ذهبت وَضربت وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَليّ لِأَن هَذِه التَّاء دخلت