وَالنُّون للْجَمَاعَة وَالْيَاء للْغَائِب وَالتَّاء للمخاطب وَالْمَرْأَة الغائبة والنحويون يسمون الْمُسْتَقْبل الْمُضَارع وَهُوَ يصلح للْحَال والاستقبال حَتَّى تدخل عَلَيْهِ سَوف أَو السِّين فَيصير للمستقبل خَاصَّة وَأَرَادَ أَبُو الطّيب هُنَا الِاسْتِقْبَال ليَصِح لَهُ الْمَعْنى لِأَن الْفِعْل الْحَاضِر لَا يجوز أَن يَنْوِي ويتوقع وَلَا يُؤمر بِهِ والجوازم حُرُوف الْجَزْم وَهِي لم وَلما وَمهما وحروف الشَّرْط فَهَذِهِ الْحُرُوف إِذا دخلت على الْفِعْل الصَّحِيح سكنته وَإِذا دخلت على المعتل حذفت حرف الْعلَّة مِنْهُ وَالْبَيْت بناه على التورية الْمَعْنى يَقُول إِذا نَوَيْت أمرا تَفْعَلهُ فَكَانَ ذَلِك فعلا مُسْتَقْبلا غير مَاض مضى ذَلِك الْفِعْل الَّذِي نويته قبل أَن يجْزم ذَلِك الْفِعْل يُرِيد مَا أسعده الله بِهِ وأظهره لَهُ من سعده فِي قَصده فَإِذا كَانَ مَا ينويه فعلا مُسْتَقْبلا وَلَفظ الْمُسْتَقْبل يَقع على الدَّائِم الَّذِي لم يَنْقَطِع وعَلى الْمُتَأَخر الَّذِي لم يَقع صَار ذَلِك الْفِعْل مَاضِيا بِوُقُوعِهِ مِنْهُ ومتصرفا بتمكنه مِنْهُ قبل أَن تلْحقهُ الجوازم فتثبته فِيمَا لم يجب وَتدْخل عَلَيْهِ فتخلصه فِيمَا لم يَقع قَالَ ابْن وَكِيع هُوَ مَأْخُوذ من قَول حبيب
(خَرْقاءُ يَلْعَبُ بالعُقُولِ حَبابُها ... كَتلاعبِ الأفْعالِ بِالأسماءِ)
14 - الْغَرِيب الروس فرقة تنضم إِلَى الرّوم والأساس مَا يَبْنِي عَلَيْهِ يُقَال أس الْحَائِط وأساسه وَجمع الأس آساس وَقد قَالُوا أسس بِالْفَتْح فِي أساس وَفِي جمع أساس أسس بِالضَّمِّ كقذال وقذل وَفِي جمع أس إساس كعس وعساس وَفِي جمع الأسس آساس كسبب وَأَسْبَاب واسست الْبناء تأسيسا والدعائم جمع دعامة وَهِي عماد الْبَيْت وكل شَيْء يسْتَند إِلَيْهِ ويتقوى بِهِ فَهُوَ دعامة وَمِنْه سمي السَّنَد الدعامة الْمَعْنى يَقُول كَيفَ يرجون هدمها وَهِي موسسة بطعنك مدعومة بشجاعتك وجيشك فالطعن لَهَا كالأساس والجيش لَهَا كالدعائم فَكيف يرومون هدمها وَقد أسستها بالطعن الَّذِي أعملته فيهم وأدعمتها بِالْقَتْلِ الَّذِي سلطته عَلَيْهِم فَكيف يرومون هدمها وَهَذِه صُورَة بنيتها وَكَيف يحاولون إخلاءها وَهَذِه حَقِيقَة منعتها
15 - الْمَعْنى يَقُول حاكموها يَعْنِي القلعة وَكَانُوا ظالمين لَهَا وَكَانَت مظلومة فَلَمَّا حكمت السيوف قتلت الظَّالِم وأبقت الْمَظْلُوم فأهلكت الرّوم وجدد بِنَاء القلعة وَالروم خصمين وَالْحَرب حاكمة فحكمت الْحَرْب للقلعة بالسلامة وللروم بِالْهَلَاكِ فَمَا عاشوا مَعَ مَا حاولوه من الظُّلم لَهَا وَلَا مَاتَ ذكر القلعة مَعَ مَا أرادوه من الخراب لَهَا بل نصر الله فِيهَا سيف الدولة فَهزمَ جيوشهم وأظهره عَلَيْهِم فَفرق جموعهم