- الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم اجترموا على نُفُوسهم وخيولهم ولبسوا الْحَدِيد وألبس خيولهم التجافيف حَتَّى صَارَت لَا تبين قَوَائِمهَا فَصَارَت كَأَنَّهَا لَا قَوَائِم لَهَا والقوائم هُنَا قَوَائِم الْخَيل وَفِي أول القصيدة
(وَقَدْ خْلِقَتْ أسيْافُهُ وَالقَوَائمُ ... )
فالقوائم قَوَائِم السيوف فَلهَذَا لم يكن فِي هَذِه القصيدة إيطاء وَلَو كَانَتَا بِمَعْنى لجَاز لِأَن الأول معرفَة وَهَذِه نكرَة والسرى سير اللَّيْل والجياد الْخَيل
17 - الْغَرِيب الْبيض السيوف الْمَعْنى جعل الرّوم يبرقون لِكَثْرَة مَا عَلَيْهِم من الْحَدِيد والبريق اللمعان وَلم يفرق بَين سيوفهم وَبينهمْ لِأَن على رُءُوسهم الْبيض والمغافر وثيابهم الدروع فهم كالسيوف وَقد فسره بقوله من مثلهَا أَي مثل السيوف يُرِيد من الْحَدِيد وَأَشَارَ بِهَذَا الْوَصْف أغْنى كَثْرَة سلَاح هَذَا الْجَيْش إِلَى قوته وَبِمَا ذكره من هَذِه الْهَيْئَة إِلَى شدته وَسمعت بَعضهم وَكَانَ شَيخا يقْرَأ عَلَيْهِ هَذَا الدِّيوَان يَقُول أَخطَأ أَبُو الطّيب كَيفَ ذكر العمائم والعمائم للْعَرَب وَلَيْسَت للروم فَكيف جعلهَا للروم فَضَحكت من قَوْله وَقلت لَهُ الضَّمِير فِي مثلهَا إِلَى أَيْن يعود أَلَيْسَ إِلَى الْبيض وَهِي السيوف فَلم يدر مَا قلت
18 - الْغَرِيب الْخَمِيس الْجَيْش الْعَظِيم لَهُ الميمنة والميسرة وَالْقلب والجناحان والزحف التَّقَدُّم والجوزاء أنجم مَعْرُوفَة والزمازم جمع زمزمة وَهِي صَوت لَا يفهم لتداخله الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْجَيْش لكثرته قد عَم الشرق والغرب وَبلغ صوتهم الجوزاء وخصها بِالذكر من سَائِر البروج لِأَنَّهَا على صُورَة الْإِنْسَان هَذَا قَول الواحدى وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو كَانَ لَهَا أذن سَمِعت بهَا وَالْمعْنَى أَن هَذَا الْجَيْش لعظم أمره وَكَثْرَة أَهله قد مَلأ مَا بَين الشرق والغرب وَفِي أذن الجوزاء من أصوات أَهله زمازم لَا تفسر وأخلاط لَا تبين وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الْأَصْوَات تبلغ السَّمَاء بكثرتها وتقطع أبعد المسافات بشدتها وَلم نسْمع فِي وصف جَيش مثل هَذَا وَمثل قَول الطَّائِي
(مَلأ المَلا عُصَبا فَكادَ بِأنْ يُرَى ... لَا خَلْفَ فيِهِ وَلا لَهُ قُدَّام)