وَالنعَم جمع نعْمَة تَقول نعْمَة وَنعم وأنعم ونعمات الْمَعْنى يُرِيد أَنه اتبع بعض مُلُوك الرّوم ففاته يَقُول فَوت الْعَدو الَّذِي قصدته ففر عَنْك لاستحكام جزعه ظفر ظَاهر واستعلاء بَين وَإِن كَانَ ذَلِك الظفر فِي طيه مِنْك أَسف على مَا حرمته من إِدْرَاكه وَفِي طي ذَلِك الأسف نعم بهَا صرف الله عَنْك مُؤنَة الْحَرْب وَشدَّة معاناه اللِّقَاء وَحفظ عسكرك من الْجراح أَو قتل فَفِي هَذَا نعم من الله كَثِيرَة
7 - الْغَرِيب المهابة شدَّة الْفَزع والبهم الْأَبْطَال الْوَاحِدَة بهمة وهم الَّذين تناهت شجاعتهم وَيُقَال للجيش بهمة وَمِنْه قَوْلهم فلَان فَارس بهمة الْمَعْنى يَقُول قد نَاب عَنْك خوف الْعَدو لَك فذعره وهزمه وصنعت لَك فِيهِ مهابتك وَبَلغت لَك مخافتك مَا لَا تَصنعهُ الشجعان
8 - الْإِعْرَاب نصب يواريهم بِأَن وَمثله قِرَاءَة عَاصِم وَابْن كثير وَنَافِع وَابْن عَامر وَحَسبُوا أَن لَا تكون فتْنَة بِنصب الْفِعْل وَقد بَيناهُ فِي كتَابنَا الموسوم بالروضة المزهرة يواريهم يسترهم ويكنهم وَالْعلم الْجَبَل الطَّوِيل الوعر المسلك وَمِنْه قَول الخنساء
(وَإنَّ صَخْراً لَتَأتَمَّ الهُدَاةُ بِهِ ... كَأنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأسِهِ نارُ)
الْمَعْنى يَقُول قد ألزمت نَفسك مَا لم يكن يلْزمهَا وكلفتها مَا لَا يحِق عَلَيْهَا من أَن عَدوك لَا يواريهم أَرض تشْتَمل عَلَيْهِم وَلَا يسترهم عَنْك جبل يحول بَيْنك وَبينهمْ وَهَذَا غَايَة التَّكَلُّف
9 - الْمَعْنى يُرِيد أَنه مَتى مَا هزم جَيْشًا حَملته همته الْعَالِيَة على اقتفاء آثَارهم وَهَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار يُرِيد كلما فر جَيش من جيوش الرّوم وَولى عَنْك هَارِبا تصرفت بك همتك فِي أَثَره فَلم يرضك انهزامهم دون أَن ينالهم الْقَتْل ويستحكم فيهم السَّيْف
10 - الْغَرِيب المعترك ملتقى الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول عَلَيْك أَن تهزمهم إِذا الْتَقَوْا مَعَك فِي الْحَرْب وَلَا عَار عَلَيْك إِذا مَا انْهَزمُوا فَتَحَصَّنُوا بالهرب وَلم تظفر بهم وَالْمعْنَى لَا عَار عَلَيْك أَن يَغْلِبهُمْ خوفك فيهزموا دون قتال ويفرقو دون لِقَاء إشفاقا مِنْك