أول وسيلة منها: البصيرة، فلابد أن يكون الداعي إلى الله سبحانه وتعالى بصيراً بمن يدعوه، وبما يدعو إليه، وبأصول التأثير على من يدعوه، فالمعرفة قبل الدعوة، ومعرفة الإنسان ببيئته من بصيرته بها؛ لأنه قد ينشغل بالجزئيات والأمور اليسيرة مع أن بيئته تحتاج أموراً أكبر منها وأهم، فإذا لم يكن ذا بصيرة ببيئته فإن دعوته ستنحرف عن مدارها، وتقدم ما ليس أولى بها على ما هو الأولى بها، وهذه البصيرة بعضها مكتسب، وبعضها موهوب من عند الله سبحانه وتعالى: فالمكتسب منها: ما يتعلمه الإنسان من العلم النافع، ومن الاطلاع على أحوال الناس وأساليب عيشهم، والأساليب المؤثرة فيهم، وما يكتسبه من المهارات، وما يبدعه هو من التجارب الجديدة التي تثبت جدارتها وأحقيتها فيأخذ بها.
وأما الموهوب من عند الله سبحانه وتعالى، فهو من آثار التقوى والالتزام والورع، فمن كان صادقاً مع الله سبحانه وتعالى لم ينبُ حديثه عن القلوب، بل استمع الناس إليه بإنصات في أغلب الأحيان، ومحل ذلك الناس الذين ليس في قلوبهم مرض، أما الذين في قلوبهم مرض فإنهم لا يمكن أن يستمعوا إلى كلام المخلص أصلاً، بل يفرون منه كما يفرون من الأسد!!