أما وسائل الدعوة: فهي كما رأينا في قصة نوح تتنوع باجتهاد الداعية، وبأحوال المدعوين، وليست توقيفية ولا محصورة في نماذج معينة، وإنما يجتهد الإنسان في تبليغ رسالات الله، وفيما ائتمنه عليه من الوحي بتبليغه بأي وسيلة تؤثر في الناس وتوصل الحق إليهم، وَلْيسْعَ للأجدى والأنفع، وليأخذ بالأسهل فالأسهل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً ولا قطيعة رحم، ويمكن أن يستعين بالوسائل المستوردة من خارج بيئته، حتى لو كانت مستوردة من الكفار، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع وسيلة تؤدي إلى إعلاء كلمة الله وإعزاز دينه إلا أعملها، حتى لو كانت مستوردة من خارج البيئة العربية: فالخندق فكرة مستوردة من فارس، والخاتم فكرة مستوردة من الروم، والمنبر فكرة مستوردة من الحبشة.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى سبع وسائل للدعوة: أربع منها في آية، وثلاث في آية، فقال في الآية الأولى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]، وقد تضمنت هذه الآية أربع وسائل من وسائل الدعوة.