والتحلية هي الشق الثاني من التزكية، وهي الاتصاف بالصفات الحميدة.
وهذه الصفات الحميدة أعظمها تنويراً الإيمان وزيادته بأن يكون إيمان الإنسان حسناً، وأن يحسن إيمانه وإسلامه، والناس في درجات الإيمان بينهم من التفاوت ما الله به عليم.
وهو تفاوت يكون تفاوتهم في النجاة على أساسه يوم القيامة، فأهل الجنة يتراءون يوم القيامة من الغرف كما يتراءى أهل الأرض الكوكب الدري في السماء من شدة تباعد منازلهم، وأعلى الجنان الفردوس الأعلى من الجنة تحت عرش الرحمن للمقربين، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتته أم حارثة بعد رجوعه من بدر، قالت: (يا رسول الله! أخبرني عن ولدي أفي الجنة هو فأصبر، أم ليس فيها فسترى ما أصنع؟ فقال: أوجنة هي! إنما هي جنانٌ، وإن حارثة قد أصاب الفردوس الأعلى منها).
والله سبحانه وتعالى بين لنا في سورة الرحمن وفي سورة الواقعة التفاوت العجيب بين الجنتين وأهلهما، والتفاوت العجيب بين المقربين وأصحاب اليمين واضح، ودرجته متباينة متفاوتة، وهذا التفاوت يقتضي من الإنسان الحرص على ألا يكون فقط من أصحاب اليمين، بل أن يكون من المقربين، وأن يزداد إيماناً ويقيناً كلما تقدم به العمر، فيحاول أن يحلي نفسه بمراتب الإيمان العالية.