وبعد ذلك ينبغي له أن يبحث عن الأمراض النفسية الجامعة، ومنها الشح والبخل، والحرص على الدنيا وإيثارها على الآخرة، وحب الدنيا ولذاتها.
ومنها الغضب: فمن كان سريع الغضب لأدنى الأسباب فهو مريض مرضاً نفسياً عضالاً حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إلى تركه، وهو من عمل الشيطان.
ومنها كذلك الحسد للآخرين: فإذا رأى من هو في نعمة من نعم الله حسده على ذلك، وسيبقى دائماً في قلق وهم؛ لأن نعم الله سابغة، ولا يمكن أن ترى عبداً من عباد الله إلا وهو في نعمة عظيمة من نعم الله: {إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34]، فإذا كانت نعم الله تغضبك فستبقى غضبان أبداً؛ لأن نعم الله سابغة على الناس، والحاسد إنما يضر نفسه؛ لأنه سيبقى في قلق دائم ولا يرد شيئاً عمن حسده.
كذلك فإن من هذه الأمراض الجامعة الكبر: حيث يتكبر الإنسان على الآخرين ويغمط الحق وينكره، ويدعوه إلى ذلك تكبره هو، كحال إبليس الذي قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] وهو أصل كثير من الأمراض القلبية.
وكذلك من هذه الأمراض التي يبتلى بها الناس: الفضولية وعدم الجد في الحياة؛ فهو مرض عضال من أمراض النفوس، فمن وجده في نفسه فليعلم أنه مبتلى بداء عضال من هذه الأمراض.
وعلاج هذه الأمراض كلها بالمبالغة في التوبة والاستغفار، والإنكار على النفس اتصافها بهذه الصفات، والحرص على إزالتها، والتعود على ما يخالفها، واللجوء إلى الله بالدعاء ليزيلها، ولذلك كان في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجبرني وعافني واهدني لأحسن الأعمال والأخلاق واصرف عني سيئها، فإنه لا يهدي لأحسنها ولا يصرف سيئها إلا أنت)، والإنسان محتاج إلى أن يدعو بهذا الدعاء دائماً، حتى يتحلى بالأوصاف الجميلة وينقطع عن الأوصاف القبيحة.
فإذا حصل الإنسان على هذا المستوى وهو التزكية بمعنى التطهير، فطهرت نفسه من هذه الأمراض، وتخلى عن الشرك بكل أنواعه، وتخلى عن الأمراض المتعلقة بالتعامل، وتخلى عن الأمراض الجامعة فطهرت نفسه من هذه الأمراض، أصبح مستعداً للتحلية، جاهزاً لها.