عداوة نفس الإنسان له

الجبهة الثالثة: جبهة النفس التي هي أقرب الأعداء إلى الإنسان: وهي أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فهي عدو للإنسان؛ لأنها لا ترضى منه إلا أن يكون مطففاً، والله تعالى يقول: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين:1 - 5]، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6]، فالمطفف يريد أن تؤدى إليه حقوقه كلها من الآخرين ولا يريد أن يؤدي كل الحقوق التي عليه؛ فلذلك يحاول أن يأخذ حقه كاملاً وإذا لم يجد حقه غضب وأراد الانتصار لنفسه، والحقوق التي للآخرين لديه يحاول الانتقاص منها والاعتذار عنها ما استطاع.

والذي يريد أن ينظر إلى عداوة نفسه له فلينظر إلى تباطئها عن فعل الخير، وإسراعها إلى الشر، فسيجدها مسرعة في الباطل، فإذا حان وقت قيام الليل مثلاً أو حان وقت إجابة المنادي الذي نادى بالصلاة جاء الكسل والنعاس، وإذا حان وقت الذكر لم يجد نفسه مستعدة إلا لأقل القليل، وإذا جاء وقت التعلم وتدبر القرآن لم يجد نفسه مستعدة لذلك، وتذكر ما له من المشاغل الدنيوية، أما إذا أخلد إلى الراحة، وأراد الاستكثار من أمور هذه الدنيا والرغبة فيها، فالنفس طيعة لذلك منقادة إليه، فهذا دليل على عداوتها للإنسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015