Q لي أخ من حفظة القرآن، وأحسبه طيباً، لكنه منذ فترة اعتنق جماعة الدعوة والتبليغ، وهو يخرج معهم، فما هو هذا الخروج وهل هو بدعة حقاً أم لا؟
صلى الله عليه وسلم الجماعات لا تعتنق، إنما يعتنق الشيء الذي يجعل في العنق كالديانات ونحو ذلك، أما الجماعات فيقال: تصحب، ولذلك فالأسلوب الصحيح أن يقول: صحب جماعة الدعوة والتبليغ مثلاً، وهذه الصحبة من الصحبة في الله، والإنسان لا يستطيع القيام بأمر الله وحده، ويحتاج إلى من يساعده، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108]، والإنسان محتاج لمثل ذلك، فإذا وجد من يعينه على التزام أوامر الله واجتناب نواهيه، والتزام ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلماً وتعليماً وعملاً وأخلاقاً وعقيدة وديانة فهذا أكمل وأفضل.
لكن بالنسبة لخروج جماعة الدعوة والتبليغ فهو مجرد تعليم وتدريب فقط، وليس أمراً واجباً ولا أمراً مسنوناً ولا مندوباً، إنما هو بمثابة الدراسة في المدرسة، كأن يدرس الإنسان ست سنوات في الابتدائية، وأربع سنوات في الإعدادية، وثلاث سنوات في الثانوية، وأربع سنوات في الجامعة، وأربع سنوات في الماجستير، وأربع سنوات في الدكتوراه مثلاً، كذلك هذا الخروج إنما قصدوا به التعويد على التعليم مثل المناهج الجديدة في المدارس تماماً، وقد جربوا فيه تجارب، وهو لا يدخل في البدع وإنما يدخل في المصالح المرسلة؛ لأنه بمثابة الدراسة الجامعية أو الدراسة المدرسية أياً كانت، لكنه قد يكون لدى الإنسان ما هو أفضل منه، فقد لا يكون أفضل الموجود في بعض الأحيان كمن لديه نفقات واجبة أو والدان ضعيفان، أو أهل يخاف عليهم إذا هو خرج وتركهم للضيعة.
ومع هذا فالشيطان كثيراً ما يحول بين الإنسان وبينه مما يدل على أهميته للإنسان، فقد جاءني رجل من الذين أحسبهم من المخلصين يشكو ولده، ويخبر أنه خرج مع جماعة الدعوة والتبليغ، فقلت: هل تنقم عليه شيئاً في دينه؟ فقال: لا، لقد كان سيئ الخلق حِلَّيقاً مدخناً غير ملتزم بالصلاة في المسجد، فجاء وقد تغيرت فيه كل هذه الصفات.
فقلت: أرأيت لو خرج في تجارة الآن إلى أسبانيا؟ فقال: نعم، هذا أمر معتاد لدى الناس، فقلت: فكيف تنقم منه الخروج مع قوم لم يستفد منهم إلا خيراً وما علموه إلا ما ترضاه أنت، وقد عجزت أنت أن تعلمه هذا؟! فكان ذلك مقنعاً له.