Q هل يجوز لشخص أن يتصدى لجريمة ويعاقب أهلها ويؤذيهم بدون إذن من السلطان، كأن يضربهم إلى غير ذلك من الأمور؟
صلى الله عليه وسلم لقد أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين أمراً عامة بمكافحة الجرائم وإقامة الحدود وغير ذلك، كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]، وغير ذلك من الأوامر التي هي موجهة إلى جميع المسلمين، لكن اختلف الناس في حكم إقامة الحدود: هل هي مختصة بالولاة أو لا تختص بهم؟ فذهب الحنفية إلى أن إقامة الحدود مختصة بالولاة، واستدلوا بحديث ضعيف جداً وهو: (أربع إلى الولاة: -ومنها- إقامة الحدود)، وذهب الجمهور إلى أن الإنسان يقيم الحدود على من ملكت يمينه؛ للحديث الذي فيه: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم)، وللحديث الذي فيه: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثالثة فليجلدها الحد وليبعها ولو بحبل)، فهذا مقتضٍ لتفويض كل إنسان في إقامة الحدود على ما ملكت يمينه، ومن ذلك: أولاده وأهل بيته؛ فقد جعلهم الله إليه وهو الوالي المسئول عنهم.
أما تغيير المنكر بغير الحدود فعلى من رآه أن يغيره بيده مطلقاً، كل من رآه وهو قادر على التغيير يجب عليه التغيير، فإن استطاع ذلك بيده فلا يعذر بغيرها، وقد أعلن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس فيما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
لكن لابد أن يكون حينئذ التثريب على أهل المعصية والوقوف في وجه الجريمة بدافع من اللطف والمحبة والرحمة، وألا يكون لمجرد التشفي بأذى الآخرين؛ فالإنسان كالطبيب المعالج المداوي يردعهم بالرحمة، حتى في إقامة الحد وفي الضرب وغير ذلك يفعله بالرحمة؛ لردعهم عن معصية الله، وهو يحبهم بقدر ما لديهم من محبة الله وبقدر إيمانهم، ويبغض معصيتهم فيهم، وبذلك يكون رحيماً بهم، لا يريد أن يعين الشيطان عليهم، ولا يريد أن يستمروا في المعصية، ولا أن تأخذهم العزة بالإثم.