قوله: (ولا تطوفوا حوله أو تذبحوا): كذلك الطواف حول القبور يعتبر من الغلو فيها، والمقصود بالطواف حولها: ما كان طقساً يشبه عبادة، كأن يطوف الإنسان بها بقصد أمر يطلبه، أو لدعاء صاحب القبر أو نحو ذلك.
وأما التطواف عليها بمعنى المرور حولها للاتعاظ بها، وتذكر أن هذا الذي قد مات، وسفا عليه السافي، وأقصاه أهله، وانقطعت أخباره؛ قد كان يوماً من الأيام يحب الناسُ قربه ويتقربون إليه، وهو الآن قدم إلى ما قدم، وأصبح جدثاً تسفي عليه السوافي لا يسأله أحد شيئاً، ولا يسأل عن خبر، ولا يصل خبر عنه؛ فغير مراد هنا.
والتطواف بالقبور لقصد عبادة أهلها شرك أكبر مخرج من الملة، وكذلك تشريع الطواف بها، كمن شرع ذلك أو اعتقده فجعله مثل الطواف بالكعبة.
وأما اتخاذ ذلك عادة لغير عبادة ولا تشريع فهو محرم، ولكنه لا يصل إلى درجة الشرك، وأما المرور عليها للموعظة فهو من فضائل الأعمال الجائزة، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يدور حولها؛ سداً لذريعة التشبه بالطواف.