وكما قال التهامي:
لما تزايد في العلو تواضعاً ... لله زاد الله في عليائه
يتكبر عن التكبر وتعلو همته وشرفه عن الخيلاء والتجبر، يأمر عليه علو خطره، وينهاه جلالة قدره وتشرف عن الدنايا نفسه ويقضي عليه عدله كما قال أبو تمام رحمه الله:
يا أيها الملك الهمام وعدله ... ملك عليه في القضاء همام
تواضعه ثقة منه بشرفه الذي لا يدانى، ومجده الذي لا يسامى، فأني أفكرت في تواضع ذوي الشرف، وتكبر ذوي الضعة، فرأيت السبب في تواضع الشريف ثقته بشرفه، وإن سبب في تكبر الوضيع أسترابته بنفسه وعلمه بصغر قدره، فأحببت إن أنظم في هذا المعنى شيئاً فقلت:
ثقة الشريف بما تجمع فيه ... من مجده عن ثأوه يغنيه
فتراه في جلسائه متواضعا ... إذ كان شائع مجده يكفيه
وترى الوضيع إذا تسنم رتبة ... أو نال من دنياه ما يطغيه
مثل المريب منافسا في قدره ... متعلقاً من جهله بالتيه
متمسكا بالكبر يحسب إنه ... زين له من شينه ينجيه
باللؤم يعرف نفسه ويظن أن ... بتكبر عن نفسه ينفه
فيزيده ضعةً ومقتاً كبره ... في الأجنبيين وأهله وذويه