إن بني يربوع لا يسلمون إليك الردافة ولا يخرجونها عن أيديهم فما تصنع بمحاربتهم؟ فقال له حاجب كذبت بنو يربوع مسلموها غير منازعي الملك فيها. فقال شهاب: إن حاجبا يغرك وقال حاجب: بيني وبينك مائة بعير يأخذها أنصحنا للملك. قال: قد فعلت. فتراهنا على ذلك وجهز المنذر أبنيه قابوس وحسان في جيش ألف بني يربوع فاقتتلوا بطخفة وهي ألف جنب ذات كهف فهزم جيش المنذر وأسر أبناه وجاءه الخبر فقال شهاب:
أنا نفير نفسيه ... نفرت حاجبا مائة
وقال حاجب: أصلح الله الملك مره إن فليخفف عني منها قال: بل يجعلها جيادا زربا. وأرسل المنذر فافتدى أبنيه من بني يربوع بالفي بعير ففي ذلك يقول جرير مفتخرا بقومه:
هم ملكوا الملوك بذات كهف ... وهم منعوا من اليمن الكلابا
فليتأمل متأمل حكم هذا الملك مع بني يربوع وهم قبيلة واحدة من قبائل تميم وحجرهم عليه في ملكه والزامهم إياه لأنفسهم ما لا يريده لنفسه ومحاربتهم له وقتلهم جنده وأسرهم أبنيه حتى يفديهما بالفدية العظيمة ليعلم إنه كان رعية لهم ولن يكون رعية له. وهذا الحديث جاء هكذا فذكرناه وغيره يدل على إن زرارة أبا حاجب عاصر المنذر بن ماء السماء وأبنه عمرو بن هند من بعده ولعل تقدم حاجب بن زرارة عند الملوك