اطف لانفه الموسى قصير ... ليجدعه وكان به ضنينا
وأنحاها لمرنه فأضحى ... طلاب الوتر مجدوعا مشينا
وخرج قصير كالهارب من عمرو بن عدي حتى قدم على الزباء قالت ما الذي أرى بك يا قصير قال عمرو بن عدي زعم أني غررت خاله وغششته وزينت له المسير إليك حتى قتلته ففعل بي ما ترين ورأيت أني لا أكون عند أحد هو أبغض إليه منك. فقربته وأكرمته وسكنت إليه ووثقت به. فلما علم ذلك منها فال لها: إن لي بالعراق مالا فابعثيني أحمل مالي بها أحمل إليك من طرائفها وعطرها ونباتها وبرها وأمتعتها وتجائرها فتصيبين في ذلك أرباحا. فجهزته إلى العراق فلما قدمها أتى بالحيرة متنكرا ودخل على عمرو بن عدي مستخفيا فاخبره بشأني وقال له: جهزني بالبز والطرف والأمتعة لعل الله تعالى إن يمكن منها. ففعل فعاد إليها قصير بما أعجبها وازدادت ثقة به وأطمأنانية إليه ثم جهزته ثانية بأكثر مما جهزته أولا فعاد إلى العراق ولقى عمرا فتجهز من عنده أكثر من الأول ورجع به إليها فزادت ثقتها به ثم جهزته ثالثا فأتى عمرا وقال له: أجمع أصحابك وهيئ الغرائب والمسوح للمسير ففعل. وحمل كل رجلين في غرارتين على جمل وسار الليل وكمن النهار حتى أتى مدينة الزباء فأشرفت فرأت الإبل تكاد أخفافها تسوح في الأرض فقالت:
مالي رأيت مشيها وئيدا ... اجندلا تحمل أم حديدا
أم صرفانا باردا شديدا ... أم الرجال جثمانا قعودا