وكان قصير قد جعل مقاعد رؤوس الغرائر إلى دواخلها فدخلت الإبل عن أخرها فلما كان أخر بعير منها وكز البواب الغرارة بعصا في يده فأصابت جنب رجل فحبق فقال البواب: بشتا. قيل معناها في الجواليق شر. فلما أنيخت الإبل نشط القوم رؤوي الغرائر وخرجوا مصلتين بالسيوف فصاحوا في المدينة ووضعوا السلاح في أهلها. وكان للزباء نفق قد عرفه قصير فدل عمرا إليه فسبقها إلى بابه وأقبلت تريد النفق فلما رأته عرفته بصورته التي كانت عندها وكان لها خاتم تحت فصه سم فمصته وقالت: بيدي ولا بيدك يا عمرو فذهب مثلا. وجللها بالسيف حتى بردت وأصاب القوم ما كان في المدينة وانصرفوا ففي ذلك يقول عدي بن زيد:
طلبت الزبا وقد جعلت لها ... حصنا ومسربة لها أنفاق
حملت لها عمرا ولا بخشونة ... من أرض دومة رسله معناق
حتى تجللها بأبياض صارم ... عضب يلوح كأنه مخرق
ويقول أيضاً:
وصادفت أمرء ألم تخش منه ... مخادعة وما أمنت أمينا
آتها مرتين بما أحبت ... فأفعمت الخزائن والقطينا