أبي هند، قال: تنافر رجلان الى الشعبي في أي ولد نزار أشراف، فقال لهما: الم تسمعا بوصية نزار؟ قالا: بلى، قال فلمن سمعتما إنه جعل القبة؟ قالا لمضر، قال فإن القبة هي العلم المشهور الذي يلجأ اليه الخائف، ويقصده الوافد، ويشير اليه المشير، وينيخ بفنائه الضيف، وهي ملجأ أبن السبيل والمستغيث، وعندها تربط الفرس، وعنها ينبح الكلب، واليها يروح المال فصاحبها هو الرئيس.
وروي إن مضر لما حضرته الوفاة قال لبنيه ومن حضرهم من أهل بيته وأخوالهم: من يزرع شراً يحصد ندامة، وخير الخير أعجله، فاحملوا أنفسكم على مكروهها فيما أصلحكم، وأصرفوها عن هواها فيما أفسدكم، فليس بين الصلاح والفساد إلا صبر فواق. ثم خص بوصية أبيه الياس وأوصى اليه بوصية منها: أتق الله يا بني، فإنك أذا أتقيته بصّرك رشدك، وأذا مت فاقبرني حيت أقبض، فأني أخاف إن أقبر في موضع لا أستحقه. وتوفي بخيف منى ثاني يوم النحر فدفن حيت قبض فمسجد الخيف على قبره.
وكان الياس بن مضر وصي أبيه والرئيس بعده، والقائم بسؤدده، ومضر تتشعب شعبتين، وهما خندف وقيس، فخندف هم بنو الياس بن106 مضر وفيهم النبوة والثروة والشرف. وكانت العرب تعظم الياس تعظيم لقمان الحكيم، وكان حسن السياسة لقومه والحياط لهم والقيام بأمورهم والاصلاح لأحوالهم والمؤاساة لهم وفيه يقول الحارث بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار:
رؤفت وكنت بنا رحيما ... كأنك بيننا أدد أبونا