فادى الرجل الشعر إلى عبد الجن بن أعيا فلما وقف عليه وفد على الملك، فاستأذن فأذن له وقربه، وأدناه وسأله عن حاجته، فقال: أبيت اللعن. أمالنا لديك محطوطة وأرحامنا بك منوطة، ولا نتوسل اليك الا بك، ولا نميل عنك الا اليك، وفي أكبالك رجلان من قومي نأت دراهما، وطال أسارهما ولهما من الملك أرحام يحب بلالها، وأسباب يحق عليه وصالها، والقوم براء من الفرقة، وغيرهم أهل للفرحة، فلينظر الملك لهم بعين رأفة يحل بها أرباقهم ويفك بها أعناقهم ويمن على قومهم بهم، فقال الملك: قد أسعفناك مطلوبك وأنلناك محبوبك فاقم باكرم مثوى، وأرحل بأجزل حباء، ثم قال له: يا أبن أعيا أخبرني عن قومك، فأني لا أسائل أعلم بهم منك، فقال: سل أيها الملك، قال: ما تقول في بني معاوية؟ قال: ملوك أقيال، جحاجحة أزوال، وأنجاد أبطال، على إن فيهم بأوا على العشيرة وأعتداداً بالحقيرة، ونقضاً لمحكم المريرة، فقال: لله أبوك هدمت ما بنيت، فالسكاسك ما تقول فيهم؟ قال: دراكون للاوغام، نقاضون للابرام، ضرابون للهام، فراجون رتاج القيام، أذا كشر الحمام على إن فيهم، أنقباضاً عن أداء الحقوق وخذلاً لابن العم المرهوق. فقال الملك: لعقة أرى مقطوبة بشري، فاخبرني عن السكون؟ فقال: خواضو قحم المنون أذا أقمطرة الحرب الزبون، معانقو عقل الانوف أذا أثخنت السيوف، وتضعضعت الصفوف لولا شراسة فيهم مقشعرة، وأخلاق مسمهرة لحلوا بين القطب والمجرة. فقال الملك: أنضجت ثم رمدت وأطلق له الاسرى وأحسن حباه فانصرف وهو يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015