على مثل ذلك وكان يطاف به في محفة على الناس ويقول يا أهل الشام: كسروا الخبز لئلا يعاد عليكم. ولسنا ننكر ما بلغه الحجاج في عصره من القدرة الثروة ولا نستنكر له إن يكون فعل مثل ذلك يوما أو أياماً أو في حال جامعة عرضت أو مقامه ببعض الامصار فتحفل لذلك وتكلفه وأستعد له لما هو أوفى منهم ولا ندفع ذاك ولا نقول إنه لم يكن قادراً على أمثاله، وأنما يضعن على من روى ذلك72 في أطلاقه القول بانه كان يفعل هذا في كل يوم على سبيل الاستمرار والدوام ولم يستثن في ذلك بحال ولا قيده بشرط، ولا خصه بمكان من الاماكن ولا وقت من الاوقات ومعلوم إنه كان باليمن ثم بالعراق، وكان أكثر زمانه بالكوفة ومر بالحجاز " ويسير مرة إلى حرب ويتجهز لقتال أفترى إنه كان مقامه بالحجاز " وحصاره لابن الزبير بمكة يحضر على موائده في كل يوم غدوة وعشية الف سمكة لا يذكر غير ذلك، وإن كان قد روي مثل ذلك لا إنه حصر بايام ولم يطلق القول فيه لدهره ومدة عمره. روي إنه صنع طعاماً لعشرة الاف غداء وعشاء أيام كما قيل، فاعجبته نفسه فقال لزاد فروخ الفارسي: ويحك هل أطعم أحد من ملوك فارس مثل هذا؟ فقال: لا ولا سمعنا بمثله فقال: والله لتخبرني وأنت أمن فقال: زمزمت أبنة لكسرى فجمع الناس لطعامها، ففتق في أشنان غسل أيديهم سبعين الف فارة مسك فما مسألتك عن الطعام وهو لا يحصى كثرة، فقال: أف لك، أما إنه ما تركت فارس لمن بعدها شيئاً. فقد ذكرنى له وهو الذي أدعوه الا إنه أعتده أياما، وهذا مما يجوز مثله،