الحمد لله الذي رفع السقف وبسط الفراش، وقسم الرزق فنال الأسد والفراش، والطير الكاسب والضعيف الخفاش، والفرخ في الوكر على ضيق الأعشاش، كل دبر له ما قدر له من المعاش، فلا ينقص بضعف الضعيف ولا يزيد بقوة البطاش، شكى إليه القفر الفقر وبالغ في الإجهاش، فساق إليه السحاب فسقى الترب العطاش، وأنعشه بغرضه من مرضه أي إنعاش، وانتظرت الورق بالصدح حياة النبت إن عاش، فحدق النرجس وخجل الجلنار وورد الخشخاش، ونزل الطل فنقط خد الورد برشاش (اِستَوَى عَلى العَرشِ) لا كما في النفوس من جلوس وافتراش، ونزل جن الليل ووجه المشبه أسود من تلك الأغباش، عظيم إذا سار العقل إلى عظمته حار وطاش، المعطلة ثقال والمشبهة وجاش، لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش، عقيدة سنية مستقرة في المشاش، لأهل البدعة اقشعرار منها لأهل السنة هشاش، واحد من أهل السنة ألف وألف من أهل البدعة لاش، البدعي يخفي مذهبه والسني قوي الجاش، تقول السنة للسني قل والبدعي خاموش باش، افتقد ما تعتقد وانتقد فالمؤمن فتاش، أحمده حمد راضٍ بقضائه إذا جاش الجاش، وأصلي على رسوله الذي عرج به وجبريل الفراش، وعلى صاحبه أبي بكر الذي قوى الإسلام بجده وانتاش، وعلى عثمان مجهز جيش العسرة بالجيش والرياش، وعلى علي الراقد ليلة الهجرة على الفراش، وعلى عمه العباس المستسقى بشيبته فسبق الوبل الرشاش، جد سيدنا ومولانا الإمام المستضيء بأمر الله الذي كان الجود في آخر نفس فأحياه وأعاش، وأنعش القفر فعمم وتمم وراش، وبعث غيث فضله فروى القلوب العطاش، مواعظي شوافي وخطبي عوافي، وأنا أستخرج القوافي بمنقاش، سلعي مطلوبة وألفاظي محبوبة ونصبتي منصوبة لا منصوبة لجلب الرياش، اعتمادي على السنة والقرآن واعتقادي اعتقاد فقهاء البلدان، وأورد الصحيح في نقلي وأقل البهتان وقد عرف الدكان والقماش، يا لها من خطبة رتبها صانعها وزينها صائغها كما يزين المنقوش النقاش، فهداها إلى وطنها، وأهداها إلى سكنها، وقد قنع من ثمنها أن يقال له شاباش.
الخطبة الأولى الحمد لله الذي جل عن أن تلحقه العيوب والنقائض، وعز عما يتوهمه الحس الغافل والحدس الخارص، لا يخفى عليه زائد ولا ناقص، ولا المرائي بعمله المحتال المغافص، ولا من يظهر الخشوع ويرعد الفرائض، ولا من يزعم الفطنة وهو غائب غائص، ولا من يدعي العلوم وهو عامي دائص، ولا من يقول أنا كامل وهو ناقص، فإذا رأيته قد صوف الكمين ورفع الدخارص، (فاَعبُد اللهَ مُخلِصاً لَهُ الدِّينَ، ألا لله الدِّينُ الخالِصُ) .
الحمد لله الذي قرب من شاء كما شاء وأقصى، وتمت كلماته فلا ترى لها نقضاً ولا نقصا، وأحاط علمه بالكائنات كلها وأحصى، وتكاتف جوده فنعمه لا تحد ولا تحصى، وتوالى حلمه عن الذنوب فكم يحلم وكم يعصى، أدب الخلائق بشرعه وعلم ووصى، وجعل العلم خاتماً والزهد فصا، واستخدم المتعبد وجعل العرف به مختصا، أسرى بعبده ليلاً وأنزل به نصا، وأدى أمانة التصديق فقد أصبح المعتزلي لصا، كلما اضطربت سمكة إنكاره في بحر جحده فوجدت شصا، ولقد كان الصديق يسحب بالتصديق ذيلا، وعمر يجري في حلبة القبول خيلا، ودموع عثمان تجري إيماناً به سيلا، وعلي من اليقين كقيس من ليلى، وأبو جهل قد حصل بالتكذيب ويلا، (سُبحانَ الّذي أسرَى بِعَبدِهِ لَيلاً مِن المسجِدِ الحَرامِ إلى المسجِدِ الأقصَى) .