الحمد لله الذي خلق اليوم وأمسه، وقمر الكون وشمسه، وآدم بيده وما مسه، عرفه الموحد فنزه قدسه، وجهله المشبه فاستفتى حسه، فقاس الخالق بالأشياء المحسه، فتراكم عليه غبار التشبيه وضاعت المحسه، وجحد المعطل صفاته فما أخسه، ادفع المعطل بيديك والحق بالمشبه رفسه، فالنصر للوحدين في الدين بحفظ الله صاحب الشمسه، كم عثر مبتدع والسنة تصيح به تعسه، وسيحضر يوم الحساب ويرى جزاء ما انتحل وافترى، إذا ذهب عن عينيه الكرى (يومَ تَجِدُ كلُّ نَفسٍ ما عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَراً، وما عَمِلَت مِن سُوءٍ تَودُّ لو أنَّ بَينَها وبَينهُ أمَداً بَعيداً ويُحَذِّرُكُم اللهُ نَفسَهُ) .
الحمد لله الذي صور الصور وما باشر ولا مس، وعلم البواطن وما لمس ولا جس، سمع ورأى ولا يقال أحس، جل عن صاحبة وولد وكذب القس، افترت اليهود والنصارى وجاحد القرآن أخس، هو منهم بلا شك غير أنه في المسلمين يندس، أخيال يعتري المبتدع أو جنون أو مس، ما هذا الخوض في الفضول إنما هو كتاب وسنة بس، أيعلم جاحد القرآن أنه قد عادى من أهلك (عاداً وثَمُوداً وأصحابُ الرَسِّ)
الخطبة الأولى الحمد لله الذي رفع السماء فانظر في بنائها ورقوشها، ووضع الأرض فتلمح حسن منقوشها، أرأيت أعجب من سوق رزقها الموقوت وقوت وحوشها، أبصرت أظرف من بنائها وأطرف من فروشها، فيا أعشى البصيرة قد كتب بالطومار رقم نقوشها، أي الحالين أعجب تفهم بليدها أو سماع أطروشها، أفأنت كالمؤمن من قبل عيان يد القدرة يرتق فتق خدوشها (أو كالّذِي مَرَّ عَلى قَريةٍ وَهِي خاوِيَة عَلى عُرُوشِها) .
الحمد لله الذي مهد الأرض تمهيد الفروش، ومدها مد البساط المفروش، وجعل الكواكب زينة للسماء الدنيا كالنقوش، فحسنها بها كما يحسن المنقوش، وحمل على الخيل نعمة وحمل حكمة على النعوش، يبعث السحب إلى هامد الترب فإذا هو منعوش، فيبكي العنان يرش القطر فيضحك القفر المرشوش، يحب الإخلاص ولا يرضى العمل المغشوش، يفقر الغني ويغني الفقير الدريوش ينفخ في الصور فيحشر الجن والإنس والوجوش، فإذا كل جبارٍ ضئيل بالقهر مخشوش، فإذا المتكبر للصغر كالصغار قد ذك الزوش، وإذا العصاة كل منهم متحير مدهوش، فحينئذٍ يبصر الأكمة ويسمع الأطروش، وينصب الصراط فكم مكدوس في النار وكم مخدوش، ولا تؤخذ ثم فدية كالحشوش (يومَ يَكونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوثِ، وتكونُ الجِبالُ كالعِهنِ المَنفُوشِ) .