الحمد لله قسم السعادة، والشقاوة وفرق الحصص، فرت عاصٍ آب ورب عابد نكص، وعلل البصائر كعلل الأبصار وما نزول الماء كالرمص، ناول بلعام كأس العلم ثم استقاه بالغصص، فتعلقت بمعدته ريح الهوى وبقلبه مغص، وآثر القبيح قبحاً لمن افترى فاخترص، واختار الفاني على الباقي والفاني مقسوم إذا زاد نقص، أنسى أن الرزق مقدر واللعوب من حرص، خرج ليصيد فاصطيد فإذا الصائد في القفص، ونقر حبة الجناح فعرقلت ريش الجناح فما خلص، وزن الدنيا بالأخرى لكن قبانه شقص، عيشة الأخرى صافية ولذة الدنيا نغص، خرج على أتانه فكلمته وجرى له معها قصص، وخص بيض العلم ثم خنق الفرخ لما فقص، ويلا له حظ نفسه بخس وعين الفهم بخص، كان جلد فضله مزيناً بلون آتيناه لكن فانسلخ منها برص، أتراه في اللذات كم يلبث، أما يوقن أنه يحشر ويبعث، أخلق في الدنيا ليبعث (إن تَحمِل عَليهِ يَلهَث، أو تَترُكهُ يَلهَث، ذلِك مِثلُ القومِ الَّذينَ كَذَّبُوا بآياتِنا فاِقصُصُ القَصَصَ) .
الخطبة الأولى الحمد لله الذي رفع بقدرته سماء وسطح بصنعته أرضا، وأجرى القدر بمشيئته فاسخط وأرضى، ودبر الأمور بإرادته إبراماً ونقضا، وتصرف في الأكوان بحكمته طولاً وعرضا، ووعد المكلفين بعدل أقضيته حساباً وعرضا، ونهى المسلم أن يستلب من إخوانه مالاً أو عرضا، فإذا رأيتم من زل بهفوة فليرحم المعافى المرضى، (اِجتَنِبوا كَثِيراً مِن الظَنِّ إنَّ بَعضَ الظَنِّ إثمُ ولا تَجَسَّسوا ولا يَغتَب بَعضُكُم بَعضاً) .
الحمد لله الذي أنشأ النفوس مريضة وممروضه، ومبتدية فعل الخير وأخرى محضوضه، خلق الأموال وسيلة إلى المحبوبات المعروضة، فاحفظوها وما أظن نصيحتي مبغوضة، كم من معامل خيانته تقرض أمانته قرض البعوضة، فقد عشنا حتى رأينا الأمانات المفروضة مرفوضة، فاشهدوا فرب عزيمة على الأداء باتت منقوضه (وإن كُنتُم عَلى سَفرٍ ولم تَجِدوا كاتِباً فَرِهانُ مَقبُوضَه) .
وليس في حرفي الطاء والظاء شيء
الخطبة الأولى الحمد لله الذي أجرى القضاء كما شاء ضراً ونفعا، وبث القدر على ما أراد إعطاء ومنعا، لا مثل له ولا شبه فاعلم قطعا، لا إله إلا هو يسأل ويدعى، خلق الإنسان من نطفة إلى علقة فاعدد سبعا، بينا يرى قطرات ماء إذا هو يبطش ويعسى، وإذا حركات لسانه تعرب خفضاً ورفعا، ثم قضى بالممات فإذا الأقدار تدفعه دفعا، ويرى منجل الهلاك يحصد من الأبدان زرعا، ثم جاءت صيحة القيامة فقام كل الصرعى، (وتركنا بَعضَهُم يَومَئذٍ يَموجُ فِي بَعضٍ ونُفِخَ فِي الصُورِ فَجمعناهُم جَمعا) .
الخطبة الثانية
الحمد لله الخالق الصانع فلا شريك في صنعه، الرازق المانع فلا معطي لمنعه، صرف العبد كما شاء بين ضره ونفعه، وقضى له وعليه بما لا وجه لدفعه، أخرج البذر بقدرته فهو المتولى لزرعه، وساق العنان إلى حضرته فبذل في خدمته قدر وسعه، فالرعد يزمجر بصوته والبرق يخوف بلمعه، والقطر مغربل بنزيل وقعه، وعين السحاب تبكي صب الصب لدمعه، والأرض تضحك إلى الغمام إذا واصلها بعد قطعه، ودولاب العرق يرقي الماء من أصله إلى فرعه، فطفل البذر يمتص امتصاص الفصيل من ضرعه، وكف القدرة للحب يصف وقد وكل الحف بطلعه، وعروس الثرى تزف في الربيع خدر كانون إلى ربعه، فتجلى على بعل البصر تحريكاً لطبعه، والحمام يشكر ويشكو فقد الإلف بسجعه، فيأخذ حنينه إذا حن ببصر المحب وسمعه، فكأنه بما يبدىء بدري يبكي على نجده وسلعه، فرجه النرجس قد أقمر، واللينوفر قد ضم نفسه فأضمر، (اَنظُروا إلى ثَمَرِه إذا أثمَرَ ويَنِعه) .
وليس في حرف الغين شيء
الخطبة الأولى