وَهُمْ سَلَبُوا زَيْدًا غَدَاةَ قُرَاقِر ... رَوَاحِلَهُ وَالْمَوْتُ بِالنَّاسِ حَاضِرُ

فَلَمْ يُغْنِ زَيْدًا يَوْمَ ذَلِكَ نَفْرُهُ ... وَأَفْلَتَهُمْ يَعْدُو بِهِ ثَمَّ ضَامِرُ

بِزَخَّةَ مِنْ جَرْمٍ يُمَنُّونَ جِيفَةً ... وَلَمْ يُنْجِهِمْ مِنْ آلِ بُوْلانَ وَاقِرُ

فَأَيْنَ بَنُو الْعِلاتِ إِنِّي عَهِدْتُهُمْ ... إِذَا مَا انْتَدَوْا فَيْهِمْ نَدًى وَبَوَادِرُ

وَأَيْنَ بَنُو هِنْدٍ أَلا حَيَّ مِنْهُمُ ... فَيَسْعَوْا عَلَى مَا كَانَ قَدَّمَ عَامِرُ

وَأَلْهَى بَنِي الْعَلاتِ عَنَّا وَحَارِثًا ... عَبَائِرُ تُحْدِي خَلْفَهُنُّ الأَبَاعِرُ

وَحَنُّوا إِلَى فَتٍّ بِجَنْبِي بَسِيطَةٍ ... كَمَا حَنَّ للأَكْلاءِ نِيبٌ صَوَادِرُ

أَبَعْدَ بَنِي رُومَانَ شَدُّوا حِبَالَهُمْ ... بِحَبْلِ بَنِي جَدْعَاءَ لَمْ يَتَزَاجَرُوا

يَقُولُ لَهُمْ أَوْسٌ تَعَالَوْا جُنَيْبَةً ... أَلا إِنَّمَا أَوْسٌ وَجَدِّكَ فَاجِرُ

أَيَفْعَلُهَا فِي النَّاسِ قَوْمٌ عُمَارَةٌ ... لَهُمْ نَسَبٌ وَلا نِسَاءٌ حَرَائِرُ

تَبَيَّنْ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَهْدِي مِنَ الْعَمَى ... إِذَا مَا الْتَقَيْنَا أَيَّنَا أَنْتَ ضَائِرُ

فَإِنْ لا تُجِيبُونَا تصِرُّ خِيَامُنَا ... إِلَى مَذْحِجٍ إِنَّ الأُمُورَ دَوَائِرُ

وَيَنْأَى حَبْيبٌ عَنْ مَزَارِ حَبِيبِهِ ... وَتَرْمَحُ حَمِيرٌ دُونَنَا وَأَبَاقِرُ

وَيَنْأَى قَبِيلٌ لا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ ... لَهُمْ نَسَبٌ فِي أَصْلِ غَوْثٍ مَآثِرُ

وَإِنْ تَذْهُبُوا إِلَى دِيَافٍ وَأَرْضِهَا ... لنِيَّتِكُمْ فَإِنَّ أَصْلِي يُحَابِرُ

فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي جَدِيلَةَ مَالِكًا ... وَمَا إِنْ أُحِبُّ أَنْ تُؤَدَّى الْهَوَاجِرُ

فَتَاللَّهِ هَلْ كُنَّا اخْتَلَفْنَا وَأَنْتُمُ ... عَلَى النَّصْرِ مَا دَامَ اللَّيَالِي الْغَوَابِرُ

وَهَلْ تَعْلَمُونَ إِذْ نَزَلْنَا وَأَنْتُمُ ... وَلَيْسَ لَنَا إِلا الْإِلَهُ مُنَاصِرُ

عَطَاؤُكُمْ زَوْلٌ وَيُرْزَأُ مَالُكُمْ ... فَإِنِّي بِكُمْ وَلا مَحَالَةَ سَاخِرُ

فَلَمَّا أَخَذْتُمْ مَا أَرَدْتُمْ لِقَوْمِكُمْ ... وَأَدْرَكْتُمُ ثَأْرًا وَأُدْرِكَ وَاتِرُ

قَلَبْتُمْ لَنَا ظَهْرَ الْمِجَنِّ عَدَاوَةً ... فَأَيْدِيكُمُ بِالنَّصْرِ عَنَّا شَوَاجِرُ

وَأَنْشَدَنِي عَمِّي أَيْضًا لَهُ:

صَحَا الْقَلْبُ عَنْ هِنْدٍ وَعَنْ أُمِّ عَامِرٍ ... وَكُنْتُ أَرَاهُ عَنْهُمَا غَيْرَ صَابِرِ

وَدَبَّتْ وُشَاةٌ بَيْنَنَا وَتَقَاذَفَتْ ... نَوَى غُرْبَةٍ مِنْ بَعْدِ طُولِ التَّجَاوُرِ

وَفِتْيَانِ صِدْقٍ ضَمَّهُمْ دَلَجُ السُّرَى ... عَلَى ذُقُنٍ مِثْلَ السِّهَامِ ضَوَامِرِ

فَلَمَّا أَتَوْنِي قُلْتُ: خَيْرُ مُعَرِّسٍ ... وَلَمْ أَطَّرِحْ حَاجَاتِهِمْ بِمَعَاذِرِ

وَقُمْتُ لِمُوشِيِّ الْمُتُونِ كَأَنَّهُ ... شِهَابُ غَضًا فِي كَفِّ سَاعٍ مُبَادِرِ

فَيَشْقَى بِهِ عُرْقُوبُ كَوْمَاءَ جَبْلَةٍ ... عَقِيلَةِ كَوْمٍ كَالْهِضَابِ بَهَازِرِ

فَظَلَّ عُفَاتِي مُكْرَمِينَ وَطَابِخِي ... فَرِيقَانِ مِنْهُمْ: بَيْنَ شَاوٍ وَقَادِرِ

شَآمِيَّةً لَمْ تُتَّخَذْ لِدَحَامِسِ ... الطَّبِيخِ وَلا ذَمُّ الْخَلِيطِ الْمُجَاوِرِ

يُقَمِّصُ دَهْدَاقَ الْبَضِيعِ كَأَنَّهُ ... رُءُوسُ الْقَطَا الْكَدِرِ الدِّقَاقِ الْحَنَاجِرِ

كَأَنَ هَبِيرَ اللَّحْمِ فِي فَوَرَاتِهَا ... إِذَا اسْتَحْمَشَتْ أَيْدِي نِسَاءٍ حَوَاسِرِ

كَأَنَ أَنِيضَ اللَّحْمِ حِينَ تَغَطْمَطَتْ ... رِيَاحُ عَبِيرٍ بَيْنَ أَيْدِي الْعَوَاطِرِ

إِذَا أُنْزِلَتْ كَانَتْ هَدَايَا وَطُعْمَةً ... وَلَمْ تُخْتَزَنْ دُونَ الْعُيُونِ النَّوَاظِرِ

أَلا لَيْتَ أَنَّ الْمَوْتَ كَانَ حِمَامُهُ ... لَيَالِيَ حَلَّ الْحَيُّ أَكَنِافَ حَامِرِ

لَيَاليَ يَدْعُونِي الصِّبَا فَأُجِيبُهُ ... حَثِيثًا وَلا أَرْعَى إِلَى قَوْلِ زَاجِرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015