وَدَوَيَّةٍ قَفْرٍ تَعَاوَى سِبَاعُهَا ... عُوَاءَ الْيَتَامَى مِنْ حَذَارِ التَّرَاتِرِ
قَطَعْتُ بِمِرْدَاةٍ كَأَنَّ نُسُوعَهَا ... تُشَدُّ عَلَى قَرْمٍ عَلَنْدِي مُخَاطِرِ
وَأَنْشَدَنِي عَمِّي لِحَاتِمِ يَرْثِي مِلْحَانَ بْنَ حَارِثَةَ بْنَ سَعْدِ بْنِ حَشْرَجٍ:
لبَيْكِ عَلَى مِلْحَانَ صَيْفٌ مُدَفَّعٌ ... وَأَرْمَلَةٌ تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ أَرْمَلا
إِذَا ارْتَحَلا لَمْ يَجِدَا بَيْتَ لَيْلَةٍ ... وَلَمْ يَلْبِسَا إِلا بِجَادًا وَخَيْعَلا
وَأَوْصَيْتَنِي أَنْ أَرْفَعَ الظَّنَّ صَاعِدًا ... وِصَاتَكَ وَاسْتُودِعْتُ تُرْبَا وَجَنْدَلا
فَلا انْفَكَّ رِمْسٌ بَيْنَ أَضْرَعَ فَاللِّوَى ... يَصَبُّ عَلَيْهِ اللَّهُ وَدْقًا مُجلَّلا
غَزَا حَاتِمٌ، فَأَصَابَ رَاحِلَةً لِبَعْضِ الْمُلُوكِ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: الْمِزَاجُ، فَقَالَ:
فَلَوْ شِهِدَتْنَا بِالْمِزَاجِ لَأَيْقَنَتْ ... عَلَى ضُرِّنَا أَنَّا كِرَامُ الضَّرائِبِ
عَشِيَّةَ قَالَ ابْنُ الذَّمِيمَةِ عَارِضٌ ... إِخَالُ رَئِيسَ الْقَوْمِ لَيْسَ بِآيِبِ
وَمَا أَنَا بِالسَّاعِي بِفَضْلِ زِمَامِهَا ... لِأُشْرِعَهَا فِي الْحَوْضِ قَبْلَ الرَّكَائِبِ
وَمَا أَنَا بِالطَّاوِي حَقِيبَةَ رَحْلِهَا ... لِأَبْعَثَهَا خِفًّا وَأَتْرُكَ صَاحِبِي
إِذَا كُنْتَ ربًّا لِلْقَلُوصِ فَلا تَدَعْ ... رَفِيقَكَ يَمْشِي خَلْفَهَا غَيْرَ رَاكِبِ
أَنِخْهَا فَأَرْدِفْهُ فَإِنْ حَمَلَتْكُمَا ... فَدَاكَ وَإِنْ كَانَ الْعِقَابُ فَعَاقِبِ
وَمَرْقَبَةٍ دُونَ السَّمَاءِ عَلَوْتُهَا ... أُقَلِّبُ طَرْفِي فِي فَضَاءٍ سَبَاسِبِ
وَمَا أَنَّا بِالْمَاشِي إِلَى بَيْتِ جَارَتِي ... طَرُوقًا أُحَيِّيهَا كَآخَرَ جَانِبِ
وَلَسْتُ إِذَا مَا أَحْدَثَ الدَّهْرُ نَكْبَةً ... بِأَخْضَعَ وَلاجٍ بُيُوتَ الأَقَارِبِ
إِذَا أَوْطَنَ الْقَوْمُ الْبُيُوتَ وَجَدْتَهُمْ ... عُمَاةً عَنِ الأَخْبَارِ خُرْقَ الْمَكَاسِبَ
أَنْشَدَنِي عَمِّي لَهُ:
وَأَشْعَثَ مِعْزَالٍ يُسَوِّقُ هَجْمَةً ... بِوَادٍ تَغَشَّتْهُ السَّحَابَةُ مِنْ عَسَلِ
أُتِيحَ لَهُ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ ... حَمَامٌ وَمَا يَأْمُرْ بِهِ اللَّهُ يَفْعَلِ
وَكَانَ يَخَالُ الأَرْضَ قَفْرًا بَرِيَّةً ... وَمَنْ لا يَخَفْ زِوَّ الْمَنِيَّةِ يَجْهَلِ
فَمَا رَاعَهُ إِلا عُلُوُّ جَبِينِهِ ... بِعَضْبٍ جَلَتْ عَنْهُ مَدَاوِسُ صَيْقَلِ
فَخَرَّ وَأَلْقَى ثَوْبَهُ وَتَرَكْتُهُ ... لَدَى شَجَرَاتٍ كَالْعَكِيِّ الْمُجَدَّلِ
أَنْشَدَنِي عَمِّي لَهُ:
إِذَا مَا بِتُّ أَخْتَلُ عِرْسَ جَارِي ... لِيُخْفِيَنِي الظَّلامُ فَلا خَفِيتُ
أَأَفْضَحُ جَارَتِي وَأَخُونُ جَارِي ... فَلا وَأَبِيكَ أَفْعَلُ مَا حَيِيتُ
وَأَنْشَدَنِي عَمِّي لَهُ:
وَخِرْقٍ كَنَصْلِ السَّيْفِ قَدْ رَامَ مَصْدَفِي ... تَعَسَّفْتُهُ بِالرُّمْحِ وَالْقَوْمُ شُهَّدِي
فَخَرَّ عَلَى حُرِّ الْجَبِينِ بِضَرْبَةٍ ... تَقُطُّ صِفَاقًا مِنْ حَشًا غَيْرَ مُبْلَدِ
فَمَا رُمْتُهُ حَتَّى تَرَكْتُ عَوِيصَهُ ... بَقِيَّةَ عِرْقٍ يَحْفِزُ التُّرْبَ مِذْوَدِ
وَحَتَّى تَرْكَتُ الْعَائِدَاتِ يَعُدْنَهُ ... يَقُلْنَ فَلا تَبْعِدْ وَقُلْتُ لَهُ ابْعِدِ
فَطَافُوا بِهِ طَوْفَيْنِ ثُمَّ نَمَوْا بِهِ ... إِلَى ذَاتِ إِلْجَافٍ بِزَخَّاءَ قُرْدُدِ
ومَرْقَبَةٍ دُونَ السَّمَاءِ طَمِرَّةٍ ... سَبَقْتُ طُلُوعَ الشَّمْسِ عَنْهَا بِمَرْصَدِ
وِسَادِي بِهَا جَفْنُ السِّلاحِ وَتَارَةً ... عَلَى عُدَوَاءِ الْجَنْبِ غَيْرُ مُوسَّدِ