إِذَا مَا السَّمَاءُ لَمْ تَكُنْ غَيْرَ جُلْبَةٍ ... كَجِدَّةِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ يُنِيرُهَا
إِذَا الرِّيحُ جَاءَتْ مِنْ أَمَامِ أَطَائِفٍ ... وَأَخْلَفَ نَوْءُ الشِّعْرِ بَيْنَ دَبُورِهَا
فَإِنَّا نُهِينُ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ ضِنَّةٍ ... وَمَا يَشْتَكِينَا فِي السِّنِينَ ضَرِيرَهَا
إِذَا مَا الْبَخِيلُ الْخِبُّ هَرَّتْ كِلابُهُ ... وَشَقَّ عَلَى الضَّيْفِ الْغَرِيبِ عَقُورُهَا
فَإِنِّي جَبَانُ الْكَلْبِ بَيْتِي مُوطَّأٌ ... أَجُودُ إِذَا مَا النَّفْسُ شحَّ ضَمِيرُهَا
وَإِنَّ كِلابِي قَدْ أَقَرَّتْ وَعُوِّدَتْ ... قَلِيلٌ عَلَى مَنْ يَعْتَرِينِي هَرِيرُهَا
وَمَا تَشْتَكِي قِدْرِي إِذَا النَّاسُ أَمْحَلَتْ ... أُؤَثِّفُهَا طَوْرًا وَطَوْرًا أُمِيرُهَا
وَأُبْرِزُ قِدْرِي بِالْفِنَاءِ قَلِيلُهَا ... يُرَى غَيْرَ مَضْنُونٍ بِهِ وَكَثِيرُهَا
وَلَيْسَ عَلَى نَارِي حِجَابٌ يَكُفُّهَا ... لِمُسْتَوْبِصٍ لَيْلا وَلَكِنْ أَشِيرُهَا
فَلا وَأَبِيكَ مَا يَظَلُّ ابْنُ جَارَتِي ... يَطُوفُ حَوَالِي قِدْرَنَا مَا يَطُورُهَا
وَإِبْلِيَ رَهْنٌ أَنْ يَكُونَ كَرِيمُهَا عَقِيرًا ... أَمَامَ الْبَيْتِ حِينَ أُثِيرُهَا
وَمَا تَشْتَكِينِي جَارِتِي غَيْرَ أَنَّنِي ... إِذَا غَابَ عَنْهَا بَعْلُهَا لا أَزُورُهَا
سَيَبْلُغُهَا خَيْرِي وَيَرْجِعَ بَعْلُهَا ... إِلَيْهَا وَلَمْ تُقْصَرْ عَلَيَّ سُتُورُهَا
وَخَيْلٍ تُنَادِي لِلطِّعَانِ شَهِدْتُهَا ... وَلَوْ لَمْ أَكُنْ فَيْهَا لَسَاءَ عَذْيرُهَا
وَعَرْجَلَةٍ شُعْثِ الرُّءُوسِ كَأَنَّهُمْ ... بَنُو الْجِنَّ لَمْ تُطْبَخْ بِقِدْرٍ جَزُورُهَا
شَهِدْتَ وَدَعْوَانَا أُمَيْمَةَ أَنَّنَا ... بَنُو الْحَرْبِ نَصْلاهَا إِذَا اشْتَدَّ نُورُهَا
عَلَى مُهْرَةٍ كَبْدَاءَ قَوْدَاءَ ضَامِر ... ٍأَمِينٍ شَظَاهَا، مُطْمَئِنٍ نُسُورهَا
وَغَمْرَةُ مَوْتٍ لَيْسَ فِيهَا هَوَادَةٌ ... تَكُونُ صُدُورَ السَّمْهَرِيِّ جُسُورُهَا
صَبَرْنَا لَهَا فِي نَهْكِهَا وَمُصَابِهَا ... بِأَسْيَافِنَا حَتَّى يَبُوخَ سَعِيرُهَا
وَخُوصٍ دَقَاقٍ قَدْ حَدَوْتُ بِفِتْيَةٍ ... عَلَيْهِنَّ إِحْدَاهُنَّ قَدْ حُلَّ كُورُهَا
وَقَدْ عَلِمَتْ غَوْثٌ بِأَنَّا خِيَارُهَا ... إِذَا أَعْلَمَتْ بَعْدَ النَجِيِّ أُمُورُهَا
وَأَنِّي امْرُؤٌ مِنْ عُصْبَةٍ ثُعَلِيَّةٍ ... كَرِيمٌ غِنَاهَا مُسْتَعَفٌّ فَقِيرُهَا
وَأَقْسَمْتُ لا أُعْطِي الْمُلُوكَ ظَلامَةً ... وَحَوْلِي عَدِيٌّ كَهْلُهَا وَغَرِيرُهَا
وَأَنْشَدَنِي عَمِّي لِحَاتِمٍ:
أَهَاجَكَ نَصْبٌ أَمْ بِعَيْنِكَ عَائِرٌ ... إِلَى الصُّبْحِ لَمْ تَرْقُدْ فَيَوْمُكَ سَاهِرُ
وَمَا هَاجَنِي ذِكْرُ النِّسَاءِ وَإِنَّنِي ... طَرُوبٌ وَلَكِنْ غَيْرُ ذَلِكَ ذَاكِرُ
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنَّا سَلامَانَ مَالِكًا ... وَسَنْبَسَ هَلْ حَاذَرْتُمُ مَا أُحَاذِرُ
أُحَاذِرُ يَوْمًا أَنْ تَسِيرَ قَبَائِلٌ ... تُوَرِّثُ شَنْوَءًا بَيْنَهُمْ وتُظَاهِرُ
وَأَبْلِغْ أَبَا النُّعْمَانِ عَنِّي رِسَالةً ... وَذُو الْحِلْمِ قَدْ يُرْعَى إِلَى مَنْ يُؤَامِرُ
فَلَيْتَ أَبَا النُّعْمَانِ بُيِّنَ قَبْرُهُ ... وَكَيْفَ تُجْيبُ لِلدُّعَاءِ الْمَقَابِرُ
فَلَوْ كَانَ حَيًّا قَدْ أَبَاتَ عَدُوُّهُمْ ... عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مِمَّا يُحَاذِرُ
بِأَنَّ بَنِيهِ قَدْ تَنَاءَوْا بِدَارِهِمْ ... فَحَوْرَانُ أَدْنَى دَارِهِمْ فَأبَايِرُ
أَلا هَلْ أَتَى قَوْمِي بِأَنَّ مُحَارِبًا ... تُدَبَّرُ مِنْهَا الصُّهْوُ بَادٍ وَحَاضِرُ
وَحُلَّتْ بِلا جَارٍ مَبَاءَةَ نَبْتَلٍ ... وَحُلَّتْ جُدَيَّاتٌ وَحُلَّتْ مَصَاخِرُ
وَأَرْسَلَتِ الأَشْوَاكُ جَنْبِي بِوَاعَةٍ ... عِزِينٍ وَتَرْعَى بِالرَّدَاةِ الْعَشَائِرُ