فهل تقاس هذه الشجاعة الخارقة وتلك المواهب النادرة التي اكتسحت الأمم بأي قائد من قواد الدنيا؟ اللهم لا.
كان خالد بن الوليد موضع إعجاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحسن تقديره فكان إذا هزم الفرس استدعاه لقتال الروم فيسير إلى الشام هو وجيشه الذي كان أطوع له من بنانه من غير أن يذوق للراحة طعما فلا يكاد يقود الجيش في الميدان الآخر حتى يفتح البلاد والحصون المنيعة ويوقع الرعب في قلوب الأعداء فيستولي المسلمون على بلادهم ويفر أمبراطور الروم من وجهه ويودع الشام الوداع الأخيرة كما فر وقتل قواد الفرس وعظماؤهم.
أليس من المدهش أن خالدا لم يهزم في موقعة من المواقع بل كان رائده النصر على الدوام!؟ وكان العدو يخاف ويقع الرعب في قلبه بمجرد ذكر اسمه أو اقتراب جيشه، لذلك كانوا يبادرون إلى عقد الصلح معه لئلا يداهمهم بما لا قبل لهم به، وقد سأله عظيم من الروم: هل أنزل الله عليه سيفا من السماء يحارب به الأعداء؟.
كان إسلام خالد في شهر صفر بعد الحديبية وكانت الحديبية في ذي القعدة من السنة السادسة الهجرية - فبراير سنة 628 م -.
شهد خالد غزوة مؤتة وقد كان الأمير في غزوة زيد بن حارثة واستشهد فيها زيد ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب فاستشهد أيضا، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقتل أيضا، ثم اتفق المسلمون على دفع الراية إلى خالد بن الوليد فأخذها وقاتل قتالا شديدا، وما زال يدافع القوم حتى انحازوا عنه، ثم ارتد بانتظام وعاد بجيش المسلمين سالما إلى المدينة وفي هذه الغزوة سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيفا من سيوف الله إذ لولا تدبره وإحكامه خطة التقهقر لقضي على الجيش لقلة عدده أمام ذلك الجيش العظيم.
وشهد خالد فتح مكة وحنينا وفي غزوة حنين قتل امرأة فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأولاد والأجراء.
ثبت في صحيح البخاري1 عن خالد أنه قال: اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية.
وولاه رسول الله أعنة2 الخيل فكان في مقدمتها وشهد فتح مكة فأبلى فيها وبعثه رسول الله إلى العزى – صنم - فهدمها وقال:
يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك