كان خالد بن الوليد يحارب المرتدين في اليمامة من أتباع مسيلمة، واليمامة موطن بني حنيفة في وسط شبه جزيرة العرب وفي اتجاه الشرق قليلا، الشرق منها يوالي البحرين وبني تميم، والغرب يوالي أطراف اليمن والحجاز والجنوب نجران، والشمال أرض نجد، وطول اليمامة عشرون مرحلة وهي على أربعة أيام من مكة، بلاد نخل وزرع.
بلغ عدد جيوش مسيلمة 40. 0000 مقاتل وهؤلاء هم الذين سار خالد لمحاربتهم.
كان مسيلمة رجلا صغير الجسم دميم الوجه له كفاءة تؤهله للزعامة، وكان قد قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني حنيفة واجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى قومه وادعى أنه شريك رسول الله في النبوة، فاتبعه بنو حنيفة، وكتب مسيلمة إلى رسول الله يذكر أنه شريكه في النبوة وأرسل كتابا مع رسولين فسألهما رسول الله عنه فصدقاه، فقال لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما، وكان كتاب مسيلمة:
من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإني أشركت معك في الأمر وإن لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها ولكن قريش قوم يعتدون. 2
فكتب إليه رسول الله:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب أما بعد فالسلام على من اتبع الهدى فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" 3
فلما مات رسول الله وبعث أبو بكر السرايا إلى المرتدين أرسل عكرمة بن أبي جهل في عسكر إلى مسيلمة، وأتبعه شرحبيل بن حسنة فاستعجل وانهزم وأقام شرحبيل بالطريق حين أدركه الخبر وكتب عكرمة إلى أبي بكر بالخبر، فكتب إليه أبو بكر:
لا أرينك ولا تراني، لا ترجعن فتوهن الناس، امض إلى حذيفة وعرجفة فقاتل أهل عمان ومهرة ثم تسير أنت وجندك لا تستبرئون الناس حتى تلقى بها مهاجر بن أبي أمية باليمن وحضرموت4.
وكتب إلى شرحبيل بالمقام إلى أن يأتي خالد فإذا فرغوا من مسيلمة تلحق بعمرو بن العاص تعينه على قضاعة.
فلما رجع خالد من البطاح إلى أبي بكر واعتذر إليه فقبل عذره وأوعب معه المهاجرين