سنة الوفاة (هجري) : 1413
حمود بن عبد الله التويجري ( 1334 - 1413 هـ ) الشيخ حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري من آل جبارة - بتشديد الباء الموحدة التحتية - بطن كبير من قبلة عنزة القبيلة الوائلية الربعية العدنانية . ولد المترجم - حيث تقيم أسرته - في مدينة المجمعة عاصمة بلدان سدير ، وذلك في عام 1334 هـ ، وفي صباه شرع يقرأ في كُتاب المربي - أحمد الصائغ - وذلك في عام 1342 هـ ، وتوفي والده بعد ذلك بأيام قليلة ، وكان عمر الشيخ إذ ذاك ثمان سنوات ، فتعلم مبادىء القراءة والكتابة في هذا الكُتاب ، ثم حفظ القرآن الكريم ، وهو لم يتجاوز الحادية عشر من عمره . كما قرأ في هذه السن المبكرة مختصرات الكتب العلمية في التوحيد والحديث والفقه والفرائض والنحو . ومما قرأ على الشيخ أحمد الصايغ ( الأصول الثلاثة ) للشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - . ولما بلغ سن الشباب لازم حلقة الفقيه قاضي بلدان سدير الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري ، واستمر في القراءة عليه ربع قرن ، قرأ عليه فيها شتى العلوم والفنون من التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصولها والفرائض والنحو وكتب السيرة والتاريخ والأدب وغيرها . ومن الكتب التي قرأها عليه : 1-فتح الباري للحافظ ابن حجر . 2- والمغني لابن قدامة المقدسي . 3-، ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية. 4-ودرء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية. 5- والفتاوى المصرية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية. 6- وزاد المعاد لابن القيم . وطائفة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأئمة الدعوة، وغيرها كثير . كما حفظ أثناء هذه القراءة عدداً من متون العلم ، فأدرك عليه إدراكاً تاماً في كل ما قرأ ، وذلك لمثابرته على الدرس ، وحرصه عليه ، ولما لديه من موهبة الحفظ والفهم . وقد أجازه شيخه عبد الله العنقري إجازة مطولة بالرواية عنه كتب الصحاح والمسانيد والسنن ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والفقه الحنبلي عامة ، وجميع مروياته لكتب الأثبات ، وقبل ذلك حدثه بحديث الرحمة المسلسل بالأولية . ولما تعين الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضياً للمجمعة وبلدان سدير شرع في القراءة عليه ، فقرأ عليه في الفقه والفرائض واللغة . وقرأ أيضاً على الشيخ الفقيه العلامة محمد بن عبد المحسن الخيال قاضي المدينة سابقاً في النحو والفرائض . وقرأ أيضاً على الشيخ سليمان بن حمدان أحد قضاة مكة المكرمة ، وروى عنه مسلسل الحنابلة بالأولية ، وهو حديث : (( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) . وأجازه أيضاً بجميع مروياته للصحاح والسنن والمسانيد والأثبات وقد ذكر ذلك كله الشيخ حمود - رحمه الله - في ثبته المسمى ( إتحاف النبلاء بالرواية عن الأعلام الفضلاء ) . ولما تضلع المترجم من علوم الشريعة واللغة على يد هؤلاء العلماء الأعلام ، وبعون الله تعالى ثم بهمته وإقباله على تحصيل العلم ألزم بقضاء بلدة ( رحيمة ) بالمنطقة الشرقية ، وذلك في عام 1368 هـ، وبعد نحو نصف سنة نقل إلى قضاء بلدة الزلفي ، وبقي قاضياً فيها حتى عام 1372 هـ ، ثم طلب الإعفاء من القضاء فأعفي . وللمترجم همة عالية بالعلم والبحث فيه ، ولذا فرغ وقته له ، فصار يؤلف الكتب الكبار والصغار ، وصار فيها فائدة ونفعاً كبيراً ، ذلك أنه تصدى للتأليف في مسائل قد وقع الناس فيها ، أو يؤلف على شبه وأمور أحدثت في المجتمع ، فتصدى لمثل هذه الأمور ، وبينها وأوضحها بالأدلة القوية والحجج الواضحة ، فصار لها القبول ، وصارت فيها الفائدة . وكان نهار المترجَم للعلم بحثاً وكتابة ، منذ بزوغ الشمس إلى غروبها ، إلى صلاة العشاء ، وربما جلس بعد صلاة العشاء قليلاً بمكتبته يكمل ما ابتدأه بالنهار ، وذلك في آخر حياته . وأما ليله فيقضي جزءاً كبيراً منه في التهجد والصلاة ، حضراً كان أو سفراً . وقد بلغت مؤلفاته أكثر من خمسين كتاباً ورسالة طبع منها نحو أربعين ، ومن تلك المؤلفات : 1-إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة . 2-الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر . 3-إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية . 4-تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران . 5-القول المحرر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 6-الرد على من أباح الربا الجاري في بعض البنوك . 7-تغليظ الملام على المتسرعين في الفتيا وتغيير الأحكام . 8- الإيضاح والتبين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين. 9- قصص العقوبات والعبر والمواعظ . 10-إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة ، رداً على أحمد بن محمد الغماري. 11-الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أخطائهم في المولد النبوي . 12-الانتصار على من أزرى بالمهاجرين والأنصار رداً على (عبد الله السعد) . 13-السراج الوهاج لمحو اباطيل أحمد شلبي عن الإسراء والمعراج . 14-إنكار التكبير الجماعي وغيره ، وهو أول كتاب طبع له. 15-ثبت سماه " إتحاف النبلاء بالرواية عن الأعلام الفضلاء " . 16-الإجابة الجلية عن الأسئلة الكويتية . 17-إعلان النكير على المفتونين بالتصوير . 18-إقامة البرهان في الرد على من أنكر خروج المهدي والدجال ونزول المسيح في آخر الزمان . 19-تحذير الأمة الإسلامية من المحدثات التي دعت إليها ندوة الأهلة الكويتية . 20-تحريم الصور والرد على من أباحه . 21-تنبيه الإخوان على الأخطاء في مسألة خلق القرآن . 22-الدلائل الواضحات على تحريم المسكرات والمفترات . 23-ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق . 24-الرد الجميل على أخطاء ابن عقيل . 25-الرد على الكاتب المفتون . 26-الرد على من أجاز تهذيب اللحية . 27-الرد القويم على المجرم الأثيم . 28-الرؤيا . 29-الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار . 30-الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور . 31-الصواعق الشديدة على أتباع الهيئة الجديدة . 32-عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن . 33-فتح المعبود في الرد على ابن محمود . 34-فصل الخطاب في الرد على أبي تراب . 35-القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ . 36-التنبيهات على رسالة الألباني في الصلاة . 37-إقامة الدليل على المنع من الأناشيد الملحنة والتمثيل . 38-الشهب المرمية لمحق المعازف والمزامير وسائر الملاهي بالأدلة النقلية والعقلية . 39-دلائل الأثر على تحريم التمثيل بالشعر . 40-تبرئة الخليفة العادل والرد على المجادل بالباطل . 41-الرسالة البديعة في الرد على أهل المجلة الخليعة . وقد صدر عدد من مؤلفات المترجَم ببعض تقاريظ من العلماء الأفذاذ من أمثال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - ، والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد - رحمه الله - ، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - ، والشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - ، مما يدل على أهمية مؤلفات الشيخ حمود - رحمه الله - ومكانته العلمية المرموقة لدى هؤلاء الأئمة . وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قدم له الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عدد من الكتب ، اطلعت منها على ما يلي : . " فتح المعبود في الرد على ابن محمود " وهو رد على عبد الله بن زيد بن محمود . . " الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر " وهو أيضاً رد على عبد الله بن زيد بن محمود . . " فصل الخطاب في الرد على أبي تراب " . " عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن " . . " إعلان النكير على المفتونين بالتصوير " . . " إثبات علو الله ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله للخلق ذاتية " . وقد تصدى المترجم لكل من حاد عن سبيل الله من الكتاب المعاصرين ، وجعل يرد عليهم بقلمه ، منافحاً عن السنة ، مدافعاً عن العقيدة الصحيحة ؛ عقيدة أهل السنة والجماعة ، وربما نشر ذلك في كتابات ومقالات في بعض الصحف المحلية والخارجية . وكان المترجم ، يعرض بعض ما يكتبه من الردود على سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ، مما جعل سماحة الشيخ محمد يُقدر له هذا المجهود في الرد على المخالفين ، وكان سماحته يكن للشيخ حمود محبة عظيمة ، فقد ذكر بعض تلاميذ سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - أنه كان يحب الشيخ حمود التويجري - رحمه الله - حتى إنه ذات مرة رأى الشيخ حمود يقرأ على الشيخ محمد أحد ردوده التي ألفها ضد بعض المبتدعة ، فلما نهض الشيخ حمود وانصرف قال الشيخ محمد : الشيخ حمود مجاهد جزاه الله خيراً . قلت : قد وافق سماحة الشيخ - رحمه الله - السلف في مقالته العظيمة هذه ، قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : (( الراد على أهل البدع مجاهد ، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد )) . كما أن للمترجم تعليقات وتعقيبات وتصويبات ، على ما يقرأ، من ذلك تعليقات كثيرة على نسخة مسند الإمام أحمد بن حنبل المطبوعة بتحقيق أحمد شاكر، و تعليقات على فتح الباري ، وتعقيبات على مستدرك الحاكم دونها بهامشه . تلاميذه : شغل المترجَم نفسه بالتأليف والبحث عن الجلوس لطلاب العلم ، وهذا ما جعل الآخذين عنه قلة ، منهم على سبيل المثال لا الحصر : 1-عبد الله الرومي . 2-عبد الله بن محمد بن حمود . 3-أبناؤه : الدكتور عبد الله ، ومحمد ، وعبد العزيز ، وعبد الكريم ، وصالح ، وإبراهيم ، وخالد . وقد أجاز عدد من العلماء ، من أشهرهم : 1-الشيخ إسماعيل الأنصاري . 2-الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد . 3-الشيخ سفر الحوالي. 4-الشيخ سليمان العودة. 5-الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم . 6-الشيخ ربيع المدخلي 7-الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ. 8-الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد . 9-الشيخ عبد الرحمن الفريوائي . ... وغيرهم . وقد وصفه عارفوه بالتقى والصلاح والإقبال على الله تعالى بأنواع العبادات ، فهو من التالين لكتاب الله ، ومن أصحاب التهجد والصلوات ، ومن المعرضين عما لا يفيد ولا ينفع ، ولذا فإنك لا تجده إلا متعبداً أو باحثاً ، هذا مع بُعده عن الظهور وجلب الأتباع ، وإنما عليه السكينة والوقار مع تواضع وحسن عشرة . وكان للمترجم ردود بينه وبين الإمام المحدث ناصر الدين الألباني - رحمه الله - ، ورغم ذلك بقيت الرحم السلفية قائمة بين الإمامين ، وقد تجلى ذلك في صور رائعة منها : أولاً : حرص الشيخ حمود -رحمه الله - على الرد على المقالة التي يرى أن الشيخ الألباني - رحمه الله - لم يحالفه الصواب فيها ، مع حرصه على مكانة المردود عليه ، فقد جاء أحد محبي الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني - رحمه الله - معاتباً حيث توجد عبارة للشيخ حمود في كتابه ( الصارم المشهور ) رداً على الألباني ، فطلب الشيخ الكتاب ، وكان مهيئاً لإعادة الطبع ، فنظر إلى الموطن المشار إليه ، ثم ضرب عليه . ثانياً : حرص الشيخ حمود -رحمه الله - على استضافة الألباني - رحمه الله - في منزله حينما زار الألباني الرياض عام ( 1410 هـ ) ، وقد حُدثت عن بعض من حضر تلك الدعوة أن الشيخ كان في قمة اهتمامه وحفاوته بالألباني - رحمه الله - . ثالثاً : ثناء الشيخ حمود -رحمه الله - على الألباني - رحمه الله - ، فمن مقالاته فيه : . قال مرة بمناسبة صدور جائزة الملك فيصل العالمية : (( إن الشيخ ناصر من أحق من يُعطاها لخدمته السنة )) . . ثناؤه على الألباني - رحمه الله - وشكره له اعتنائه بشأن الصلاة ، وعلى إنكاره على المبتدعين في النية ، وعلى رده على من أنكر الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم . وعلى إنكاره على المحافظين على التوسلات البدعية وكان مما قاله - رحمه الله - : (( والله المسئول أن يجعلنا وإياه من حزبه المفلحين الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) . . قال : (( الألباني - الآن - علم على السنة ، الطعن فيه إعانة على الطعن في السنة )) . وهذا كما قال الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - : (( بعض الناس ذهب إلى المنع من تحلي النساء بالذهب ، وكتب في ذلك ، وهذا خلاف ما في الأحاديث المصرحة بذلك ، والذي كتب في ذلك ناصر الدين الألباني - وهو صاحب سنة ونصرة للحق ومصادمة لأهل الباطل ...)) الخ كلامه - رحمه الله . وللمترجم همة عجيبة ، ولا يحب الاعتماد على الغير وإن كان من أقرب الناس إليه ، يقول أبناؤه: ما كان الشيخ يطلب من أحد شيئاً البتة، وحتى بعد أن ضعفت صحته ، فكان يقوم بإعداد الشاي والقهوة بنفسه ، مع إلحاح أبنائه عليه بعدم فعل ذلك راحة لجسده ، بل إنا لنجد أبعد من هذا عند شيخنا، فهو خادم رفقته في السفر، حتى وقد تقدمت به السن، مع حظوته وتقدير الرفقة العظيم له، وقد يقوم بإعداد الطعام ، ومن ذلك أنه كان يقوم الليل الآخر كعادته ثم يضطجع اضطجاعة خفيفة حتى يحين وقت الصبح فيسخن الماء لرفقته من أجل الوضوء . واكتفى ببعض التجارات التي لم يكن يليها بنفسه ، فكان زاهداً في الدنيا، وقبل وفاته أعطى أكبر أبنائه جميع ما يملك - ولم يكن شيئاً كبيراً - ليتصدق به كله ، فلم يخلف -رحمه الله- وراءه عقاراً أو مالاً، سوى البيت الذي يعيش فيه مع أبنائه . وما زال على صفاته الجيدة حتى توفي في مدينة الرياض في 5/7/1413 هـ ، وصُلي عليه في مسجد الراجحي ، ودفن في مقبرة النسيم في جمع كبير من الناس فيهم العلماء وطلاب العلم ، والجميع متأسفون عليه شاعرون بألم فراقه . رحمه الله تعالى . والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته ، واقتفى أثره إلى يوم الدين . آمين .