الشرك أيضا .. مهما بقي بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه بلسانه. بينما هو يتلقى من غير اللّه، ويطيع غير اللّه.

وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم - في ضوء هذه التقريرات الحاسمة - فإننا نرى الجاهلية والشرك - ولا شيء غير الجاهلية والشرك - إلا من عصم اللّه، فأنكر على الأرباب الأرضية ما تدعيه من خصائص الألوهية ولم يقبل منها شرعا ولا حكما ... إلا في حدود الإكراه .. (?)

وقبل أن نمضي مع سياق السورة حلقة جديدة، نقف وقفة سريعة مع هذه الحلقة الوسيطة بين حديث عن تشريع الذبائح - ما ذكر اسم اللّه عليه وما لم يذكر اسم اللّه عليه - وحديث عن النذور من الثمار والأنعام والأولاد .. هذه الحلقة التي تضمنت تلك الحقائق الأساسية من حقائق العقيدة البحتة كما تضمنت مشاهد وصورا وتقريرات عن طبيعة الإيمان وطبيعة الكفر وعن المعركة بين الشياطين من الإنس والجن وبين أنبياء اللّه والمؤمنين بهم كما تضمنت ذلك الحشد من المؤثرات الموحية التي سبقت نظائرها في سياق السورة وهو يواجه ويعرض. حقائق العقيدة الكبرى في محيطها الشامل ..

نقف هذه الوقفة السريعة مع هذه الحلقة الوسيطة لنرى كم يحفل المنهج القرآني بهذه الواقعيات العملية، وهذه الجزئيات التطبيقية في الحياة البشرية وكم يحفل بانطباقها على شريعة اللّه وعلى تقرير الأصل الذي يجب أن تستند إليه وهو حاكمية اللّه .. أو بتعبير آخر ربوبية اللّه ..

فلماذا يحفل المنهج القرآني هكذا بهذه القضية؟

يحفل بها لأنها من ناحية المبدأ تلخص قضية «العقيدة» في الإسلام كما تلخص قضية «الدين». فالعقيدة في الإسلام تقوم على أساس شهادة: أن لا إله إلا اللّه. وبهذه الشهادة يخلع المسلم من قلبه ألوهية كل أحد من العباد ويجعل الألوهية للّه. ومن ثم يخلع الحاكمية عن كل أحد ويجعل الحاكمية كلها للّه .. والتشريع للصغيرة هو مزاولة لحق الحاكمية كالتشريع للكبيرة. فهو من ثمّ مزاولة لحق الألوهية، يأباه المسلم إلا اللّه .. والدين في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015