هذه مفاهيمنا (صفحة 96)

مزارات ومشاهد، وتحري الدعاء عندها، حتى نقلهم الشيطان إلى اتخاذهم شفعاء، ثم نقلهم إلى دعاء صاحب القبر، ثم نقلهم إلى الاعتقاد بأن له تصرفاً في الكون، تدرج هذا في قرنين أو نحوها.

وإن أقدم من وقفت عليه يرجع المسلمين إلى دين الجاهلية في الاعتقاد بالأرواح والقبور هم الاسماعيليون، وبخاصة إخوان الصفا، تلك الجماعة السرية الخفية التي بثت عقائدها، ورسائلها الخمسين بسرية تامة حتى لا يكاد يعرف لها كاتب ولا مصنف، وإن ظن ظناً.

ثم تبعهم على تقديس المقبورين من أهل البيت الموسويون الملقبون بالاثني عشرية، وصنفوا التصانيف في الحج إلى المشاهد، وفي كيفية الزيارات والأدعية عند القبور، يسندونها بطرق باطلة كاذبة إلى أئمة أهل البيت رضي الله عنهم.

وقد طالعت كتاب " الزيارات الكاملة " لابن قولوية 1 فرأيت فيه من هذا شيئاً كثيراً، وهو مطبوع، ومن طالع تراث الإسماعيلين، وحركة إخوان الصفا وجد ما قلتُه ماثلاً أمامه، فإن الشأن عظيم، وإن فتنة الناس بالقبور واتخاذ أهلها شفعاء ووسطاء لم تعرف قبلهم، ولما غلب الجهل قبل ظهور الدولة الفاطمية عرفت هذه الأمور طائفة من الناس، فلما ظهرت الدولة العبيدية شيدت المشاهد ونشرت ما كان سراً من عقائدها.

جاء في الرسالة الثانية والأربعين من "رسائل إخوان الصفا" ما يبين هذا، ويبرهن له، فقال مؤلفوا الرسائل (4/19-21) : " وذلك أن القوم الذين بعث إليهم النبي عليه الصلاة والسلام والتحية والرضوان، كانوا يتدينون بعبادة الأصنام، وكانوا يتقربون إلى الله تعالى بالتعظيم لها والسجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015