...
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وبعد: فإن الفتن في هذا الزمان تتابعتْ، وتَنَوعت وتكاثرت، فمنها الفاتن للجوارج، ومنها الفاتن للقلوب، ومنها الفتَّان للعقول والفهوم، وقد خاض أناس في الفتن غير مبالين، وخاض أناس غير عالمين، وخاض فئام عالمين، وخاضت جماعات مقلدين.
حتى أصبح ذو القلب الحي ينكر من يراه وما يراه، فلا الوجوه بالوجوه التي تعرف، ولا الأعمال بالأعمال التي تعهد، ولا العقول بالعقول المستنيرة، ولا الفهوم بالفهوم المنيرة.
فهو مخالط للناس بجسمه، مزايل لهم بعَمَلِه، يعيش في غرْبَتِه بين جلْدَتِه، حتى يأذن الله بحلولِ الأجل فيلحقَ -إنْ عفا الله وغَفَرَ- بمنْ يفكُّ غربته، ويؤنسُ وحشته.
وإن من أعظم تلك الفتنِ، وأشدِّها صَرْفاً عن الصراط المستقيم، الفتنةَ عن تحقيق معنى الشهادتين، شهادةِ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، فكم من فاتنٍ عنها بعلم، وكم من مفتونٍ عنها بتقليد.