ومنهم من كان يميل إلى اليهودية، ومنهم من كان يميل إلى النصرانية، ومنهم من كان يصبو إلى الصابئة. قال عند ذكره الطائفة الثالثة (2/1232) : " وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق، ونوع من الإعادة، وأنكروا الرسل، وعبدوا الأصنام، وزعموا أنهم شفعاؤهم عند الله في الدار الآخرة، وحجوا إليها ونحروا لها الهدايا، وقربوا القرابين، وتقربوا إليها بالمناسك والمشاعر، وأحلوا وحرموا. وهم الدهماء من العرب إلا شرذمة منهم نذكرهم" اهـ.
كيف دخل الشرك في المسلمين؟
وببعثة نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم زالت عبادة الأصنام على أصنافها، وتحررت العقول من دناءة تفكيرها، ووضاعة تصورها، فارتقت إلى التوحيد بعد أن كانت في حمأة الشرك، وأصبحت قلوب العرب وغيرهم متجهة إلى الله وحده، لا شريك معه غيره لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، فأتم الله الأمر، وأكمل دينه، وأعلا كلمته.
فدام على هذا المسلمون زماناً وقروناً، حتى ظهرت فيهم الحركات الباطنية الخبيثة: كالإسماعيلة وما تفرع عنها من قرامطة، وإخوان الصفا، وعبيديين، ودروز ونحوهم مما يعدون صوراً لعقيدة واحدة.
اتخذت هذه الحركة منذ القديم تقديس أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم شعاراً لها، وسلسلوا الإمامة في إسماعيل بن جعفر، وكانوا في تقديسهم لآل البيت مشهورين، فالدولة الفاطمية أثر هذه الحركة الباطنية.
فالمسلمون في القرون الأولى لا يوجد بينهم من تحوم مظاهر الشرك في ذهنه كشرك العرب باتخاذ الصالحين والأنبياء وسائل وشفعاء، حتى بث الاسماعيليون معتقداتهم بين الناس سراً، فاستحسن الجهال هذا الأمر لخفته وطرح التكاليف الشرعية، فأخذ يظهر الاعتناء بالقبور وتشييد