هذه مفاهيمنا (صفحة 86)

نتوسل به إلى الله ونستشفع به لديه؛ لأنه يعلم بذلك فيشفع فينا ويدعو لنا ... " اهـ.

أقول: في الحديث عرض الأعمال، والكاتب يستدل به على جواز طلب الشفاعة، يا له من فقه غاب عن الأمة بضعة عشر قرناً، حتى ظهر هؤلاء المبتدعة فأدركوه! فعرض العمل عليه صلى الله عليه وسلم شيء وتجويزك طلب الشفاعة أمر آخر بعيد، فإن عرضت عليه أعمالك فلن يرضى صلى الله عليه وسلم بالشرك الذي فيها، ومنه طلب الشفاعة من الموتى، ولن يستغفر لمشرك يستغيث بالأموات، {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَنيَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] . إن طلبك الشفاعة من الأموات سيء من العمل وشرك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستغفر لمن ترك دينه واتبع هواه فأشرك.

إن استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفاعته، إنما تكون في حياته وفي الدار الآخرة لا في دار البرزخ، وله أنواع من الشفاعات ليس فيها نصيب لمشرك.

فمن طلب الشفاعة منه بعد موته، فحري أن يكون فوت على نفسه شفاعته صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وإن من سيئ الكلام تعدي صاحب المفاهيم على مقام النبوة حيث جزم بقوله "فيشفع فينا ويدعو لنا".

وإن من سيء القول وخطله وشنيعه تعدي الكاتب على مقام الألوهية، فيجوز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، والشفاعة حق لله وحده، وإنما تطلب منه وحده، كما يدعو المخلصون بقولهم: اللهم! شفع فينا نبيك محمداً صلى الله عليه وسلم.

وفي باب الشفاعة بيان هذه الأصول بما فيه مقنع لمن أراد الله هدايته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015